2020-01-27 | 22:06 مقالات

ثمار المنهج

مشاركة الخبر      

تأهل المنتخب السعودي لكرة القدم تحت 23 سنة إلى أولمبياد طوكيو صيف 2020 إنجاز كبير لا يقل عن الوصول إلى كأس العالم للكبار، وفرحة وطنية شاملة لا يمكن تنميطها في إطار لا يقبل الاتساع وحالة واحدة كاملة تعبر بوضوح عن سلامة المنهج الحكومي في دعم الرياضة وإحدى ثماره.
ولا يمكن النظر إلى ما حدث على أنه مسألة طارئة وتقدّم أتى بناءً على ظرف معيّن، إنّما تم ذلك كمحصّلة طبيعية لضخ الحكومة ممثّلة بالهيئة العامة للرياضة والشباب في قطاع كرة القدم، والاهتمام الواضح الذي يوليه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد للمجالات العائدة على البلاد بالنفع وطريقته الناجحة في تشكيل هويّة سعودية جديدة أساسها الحضور الفاعل والمكثّف في كل المحافل الدولية، وتصدير الفرد السعودي للعالم على نحو حقيقي كفرد متسامح ومؤثر بالإيجاب في المشتركات الإنسانية كافة.
إن القيمة الإنسانية العميقة ترتكز أساساً على القبول بالاختلافات والتأثير فيها بما تمتلكه الشعوب من قيم وموروث أصيل والعطاء اللامحدود غير المتزمّت، وصبغ العالم بالإيمان العميق للحضارات وتجاوز كل النقاط الآخذة بالإنسان بعيداً عن اندماجه بهُويّته الخاصة. وفي طوكيو اليابانية في شهر يوليو المقبل ستظهر الشخصية السعودية بما يجب وستكون مالكة لقيمها الخاصة بعيداً عن مسألة الفوز من عدمه، وإن كانت خطواتنا في ذلك لا بد أن تنحو باتجاه النجاح الفني وصولاً لمنطقة التنافس على الكسب لا المشاركة العابرة. وفي رأيي أن هذا الأمر يتطلب التفكير على نحو جدي بكيفية الوصول إليه والبقاء فيه مع النظر في رسم خطط تضمن لنا صناعة أبطال لا يقبلون التراجع أو الاكتفاء.
لقد ذهبنا ذات يوم إلى لوس أنجلوس الأمريكية في عام 1984م كأول مرة في الأولمبياد ثم تفاوتنا في الحضور بعد ذلك إلى أن غبنا ربع قرن نشأ فيها جيل جديد وتركيبة شبابية طاغية على السكان، ما يجعلنا نقف طويلاً في طريقة تمكننا من تخطي عتبة الظهور والعبور نحو الذهب والفضّة والبرونز، وهي درجات التقييم في الألعاب الأولمبية ومقياس التأثير الحقيقي في مجال رياضي دولي رفيع.
وصناعة البطل الأولمبي على وجه الخصوص مرحلة طويلة جداً تحتاج إلى أكثر من جهة ومحضن، تقف الجامعات على رأسها كحاضنات مثالية بما تمتلكه من إمكانات بشرية وفنية لكافة الممارسات الرياضية، وجامعاتنا في هذا المجال بالذات تبدو كسولة جداً ولم تأخذ الأمر على محمل الجدية، ما يجعلنا ننادي باتساقها العاجل مع المنهج المثمر.