أبطال «خزنة»..
بين النسيان والرحيل
في العام 1989م، تجمعت الكثير من العائلات السعودية حول الشاشة الصغيرة في شهر رمضان عقب الإفطار، فلقد تمكن أبناء المنطقة الشرقية من إنتاج مسلسل من خلاله اكتشفنا عادات وتقاليد عدة في المنطقة العريقة..
“خزنة” كان مسلسلاً هواه شرقاوي.. الممثلون والإخراج والعاملون، فشكل العمل نسيجاً جميلاً لأهل المنطقة صدروه إلى بقية المناطق من خلال الشاشة.. نسبة المتابعة في تلك الأيام كانت عالية، فإما أن تشاهد المسلسل في ذلك الوقت أو مسابقة “راعي الجوهرة الأصلع” في القناة الثانية.. لم يكن لدينا خيار ثالث.. تابعت المسلسل في حينها، وكنت طفلاً.. ولكن استمتعت بأداء الممثلين وأثروا فيّ كثيرًا، وعندما سافرت كبيرًا إلى الشرقية تذكرت قليلاً من المعالم والأماكن التي زارتها عيني في المسلسل قبل بقية حواسي..
مرت أكثر من 30 عامًا على عرض المسلسل، وبالصدفة وأثناء التنقل بين المئات من المحطات الفضائية استوقفني إعادة عرض “خزنة” على قناة ذكريات، لم أشاهده منذ ذلك الزمان، فالكثير من الذكريات نسيتها بعد أزمة الخليج الثانية، ونهائي الدوري الشهير “فهد في قلوبنا”، إلا أن الذاكرة عادت سريعًا بعد مشاهدة شارة افتتاح المسلسل، فتابعت كل حلقاته، وعشت معه أيامًا جميلة في زمن كورونا.. وفي مرة قررت البحث عن الأبطال لعلي أشاهد أحدهم في أعمال أخرى، فبدأت في البحث عنهم.. الابن الأصغر في عائلة خزنة عبد المحسن النمر هو الوحيد الذي بقي متوهجًا.. البقية لم يسجلوا حضورًا قويًّا بعد العمل الخالد.. وكل واحد منهم اختفى رغم أنهم يملكون مواهب كبيرة.. فالابن الأكبر الممثل إبراهيم السويلم وزوج الأم عبد الله الربيع، كان حضورهما ضعيفًا في الأعمال التي قدموها ولم يتجاوزوا ما عملوه في المسلسل الشهير قبل أن يرحلا عن الدنيا في عامي 2015 و2016م، والابنان الأوسطان إبراهيم جبر وراشد الورثان فضلا الابتعاد عن الشاشة بعد تجارب لم تكن قوية واختفيا عن الساحة، والأمر ذاته ينطبق على الممثل علي السبع وآخرين..
وكما أن القصة المحبوكة والبساطة وقدرات الممثلين الهائلة والتوليفة التي خلّدت درب الزلق، فإن المقياس ينطبق على “خزنة” مع فارق الشهرة بين العملين..
المملكة العربية السعودية، مترامية الأطراف، وتحمل كل منطقة عادات وتقاليد مختلفة نفخر بها، وهنا أتساءل: لماذا لا يكون هناك مسلسلات تنتج من المناطق على غرار تجربة “خزنة”؟.. وفي كل منطقة مواهب في التمثيل والإخراج، وسيفتح ذلك الطريق للكثير من فرص العمل.. وأتمنى من وزارة الإعلام تحمل مسؤولية إنتاج تلك المسلسلات كما فعلت مع خزنة.