2020-09-17 | 22:35 مقالات

«شكرا» محمد الشلهوب

مشاركة الخبر      

حين تكتشف أن الزمان ليس زمانك وأن المكان لم يعد مكانك، والأشياء الجميلة لم تعد تشبهك، وأن مدن أحلامك ما عادت تتسع للمزيد، غادر كرة القدم قبل أن تغادرك.. هيا ارحل وأنت نجم بأعالي السماء مرفوع الرأس..
تختلف أشكال الرحيل وصوره، فهناك من ننتظر فراقه وهناك من تصبح الدنيا من دونه بلا ألوان، وحدها الأخلاق والصفات الإنسانية النبيلة والتعامل الحسن كنز الذكريات الذي يتركه الإنسان خلفه ويرحل.. محبة الناس كنز عظيم والنجم المحبوب “الموهوب” الشلهوب لاعب مخضرم/ معتق بحب الناس حتى من خارج حدود الوطن، جمع زمنين معًا زمن الكرة الأصيل وحاضر الكرة الجميل..
عندما نقول “الشلهوب” فإننا نختصر الكثير من الكلمات عن المتعة والموهبة والأخلاق، اللاعب شبه الوحيد الذي اتفق مشجعو كرة القدم على محبته حتى من أندية بينها وبين الهلال صراع وتنافس.. لاعب هلالي “أصيل” من خريجي مدرسة الهلال تدرج بفئاته السنية ولم يبرحه إلا مغادرًا بصحبة البندري وشقيقتها.. مسيرة حافلة بالإنجازات والذهب والألقاب مع الهلال/ المنتخب، حصيلته من البطولات تتخطى حصيلة أندية كبيرة وكيانات.. الشلهوب تاريخ مستقل بحد ذاته 11 دوريًّا 8 كؤوس ولي عهد، مرتين كأس الملك و6 بطولات آسيوية.. أرقام عجزت عن تحقيقيها أندية بأكملها.. تاريخ مُشّرف.. أكثر لاعب تتويجًا بالبطولات في تاريخ الكرة السعودية، أمضى حياته الكروية صائدًا للبطولات وصانعًا للمجد مع الهلال.. يقف مع كبار النجوم البرازيلي ألفيس والإسباني أنيستا والأرجنتيني ميسي والإسباني بيكيه وبمعية أسطورة الكرة الهولندية روبين.
لحظات الفراق صعبة مؤلمة لكنه قدر محتوم.. هكذا تقبل جمهور الأسطورة محمد الشلهوب لحظات وداعه للمستطيل الأخضر الذي خرج منه كبيرًا مرفوع الرأس نجمًا مؤثرًا بعد تحقيق الهلال بطولة آسيا والدوري هذا العام، النجم الذكي الذي يخرج من كرة القدم كبيرًا ونجم جمهور الكرة الذي يقف ويصفق للاعب ويهتف باسمه إن وجد تقصيرًا بسنوات العمر الأخيرة “لن يرحمك”، لذا تعلم أن تغادر كبيرًا مخلفًا أجمل الذكريات، أفضل من العكس، رسالة للاعبين الكبار سنًّا والذين لم يعد لديهم ما يقدمونه.. لا تمحوا الذكريات والإنجازات بحضور باهت أشبه بالغياب..
الشلهوب جزء ليس فقط من الذاكرة الكروية بل الإنسانية أيضًا بأخلاقه وتعامله وأدبه الجم، وأتمنى من اللاعبين الحاليين والجدد أن يتعلموا من مسيرته ويستفيدوا من الأثر الذي تركه بالقلوب.. شكرًا للشلهوب شكرًا على الأخلاق والذكريات وشكرًا على لحظات الفرح والسعادة بعد كل إنجاز..