2020-11-23 | 22:55 مقالات

شيطنة زرقاء

مشاركة الخبر      

ما من أحد يختط له خطاً مُخالفاً إلا ويعمد بعض المنتمين للون الأزرق إلى شيطنته ودفع القرار باتجاه عقابه، ليرسّخوا المبدأ القديم القائم على “كُن ملاكاً حتى لحظة تحقيق المأرَب”. والأمثلة في ذلك كثيرة والسرد طويل والمنهج العتيد لا يتزحزح، بالرغم من تغيّر الأزمنة والشخوص.
والواضح أن بعض الجماعات الزرقاء لا تريد أن تفهم الواقع بل السعي الدائم لتغييره مهما كانت الظروف والمعطيات، وهي تبدو كالصيّاد الذي لا تعنيه الغنيمة ولا مدى قبول اصطيادها من عدمه، كون الأهم الحاضر في كل حين ومع أي نوع هو الثبات على الطريقة والاغتنام تحت أيّ حُجّة.
والأمر قد يكون مقبولاً لو كان الهدف هو الانتصار النابع من كُره الهزيمة، لكن المسألة مختلفة كُليّاً عن ذلك، فالدافع الساخن من أسفل كبركان له فوهة هو قذف الحمم في اتجاهات مُحدّده غايتها ومناها الأول الإسقاط والسحق، ثم الرقص كما محطّمي الجماجم. لكنّ ذلك لن يطول والنهاية مُقبلة في الوشيك من الوقت.
وللتبيان، فما من عنصر من أطراف الُّلعبة يقع في خطأ جسيم تجاه غيرهم وتثور عليه الردود حتى يتم تلقّفه وتقديمه كضحية، ودعمه والأخذ بيده نحو التقاضي وحمايته من الأصوات الغاضبة واستمالته إلى “الأزرق” في القادم من الأيّام. هُناك من يعمل في المحيط الأزرق وهُناك من يعمل له.
أمر آخر أكثر خطورة يكمن في الارتماء في الأحضان المُقرِّرَة وإظهار الود والوقوف في الصف وإعلان الخوف على المسيرة الكاملة من المعترضين، من أجل التمرير لما يريدون فيما بعد، حين يكون المُحتَضن قد وقع في الحبائل وسلّم بالحُب ومشاعر التأييد الزائفة.
إن بداية تشكيل المنهج الأزرق قديمة تتجاوز النصف قرن، لكن الوقت الحاضر لا يشبه البدايات والمناخ الواسع لا يرضى بالتضييق ولا بالممارسة التي شاخت، ولن يغض أحد الطرف عن الأسلوب السقيم ولا الصدّ عن العلاج اللازم.
لقد سقطت الجماعة الزرقاء في الكثير من الإجراءات ورفضت التصحيح ورفعت بسبب إصرارها على البقاء في الوهن ألسنة الحكمة والعدل وتعدّد مسارات الرأي. واليوم، لم يعد أمامها إلا الخروج من دائرة الضرب بالاستعداء لتحقيق الاستقامة المُنتفضة والصورة المشوّهة إلى عالم النور وتشابك الأيدي وإعلاء الشأن العام. إن أمام الزُرق فرصة هائلة للعودة لاتحاد الروح وتبييض الوجه الذي لم يعد له معالم بسبب الرياح الصفراء العاتية التي ظلّ كُل أزرق في استدارة عنها، وهي اللافحة له.