الحكام
والإعلام
دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين يسير بخطى ثابتة ووفق استراتيجية مدروسة صوب الهدف الذي حدد له، والمتجسد في أن يدرج ضمن قائمة الأفضل على مستوى العالم، فالمباريات جميعها أصبحت قوية، والنتيجة قد تذهب لآخر الترتيب حتى وإن لعب مع أول الترتيب، ولم تعد هناك فوارق بين الأول والأخير، ولا تستطيع أن تتنبأ بنتيجة أي مباراة في ظل تقارب المستوى، وجميع ذلك لا شك من عوامل ومقومات الدوري المتميز.
ولكن هناك عاملين مهمين ومكملين لجمالية الدوري وهما التحكيم والإعلام، والواقع أنني كنت من أوائل من طالب بالحكام غير السعوديين، ولم يكن الهدف من وراء ذلك إقصاء الحكم السعودي وإنما لفترة يتم إبانها تطويره، حتى يواكب النقلة النوعية لدورينا، وذلك من خلال ابتعاثه لتعلم التحكيم وإخضاعه لدورات تدريبية مكثفة واعتماد احترافه وإدراجه ضمن القوى العاملة في وزارة الموارد البشرية، حتى يحصل على راتب تقاعدي عند اعتزاله لكي يؤمن مستقبله، فالحكم بصافرة واحدة قد ينسف كل جهود التنمية الكروية، لذلك يجب أن يحظى باهتمام يوازي أهميته في المنظومة الكروية.
ذلك للأسف لم يحدث، وعاد الحكم السعودي كما كان وأصبح مع احترامي مشكلة بقراراته الخاطئة والمؤثرة في نتائج المباريات ـ مع التسليم بأن هناك حكامًا جيدين ـ، ولكن التجربة أثبتت أهمية عودة الحكام الأجانب ولو في بعض المباريات الهامة والحساسة، على أن يكون ذلك تزامنًا مع برامج تأهيلية لحكامنا تكتمل بإقرار تعليم التحكيم في الجامعات كتخصص مستقل، واشتراط الحصول على درجة علمية لقبول الحكام.
وعلى الجانب الآخر، فإن الإعلام مع كامل احترامي لم يواكب هذه النقلة الحضارية التي يعيشها دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين، وإنما ظل أسير البحث عن الإثارة المصطنعة التي لا تضيف أي قيمة للمحتوى الفكري للمتابع، بل تعزز للتعصب وتثير الخلافات والصدامات دون اكتراث بالذوق العام.
إعلامنا في كثير من منابره وكثير من ممثليه ـ ولا أقول كله ـ للأسف ابتعد عن الرسالة السامية للإعلام والمتمثلة في إنارة الطريق أمام صناع القرار، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات إيجابية تؤول إلى الوصول لرياضة تسهم في التنمية الوطنية، وتبلور مفهوم حضارة شعب وتحقق إنجازات باسم الوطن وفق ما هو مخطط له في رؤية 2030.
إننا إذا أردنا لدورينا ومنافساتنا الرياضية عمومًا أن تصل إلى مستوى التطلعات، فمن الأهمية بمكان إيلاء التحكيم والإعلام الأهمية التي يستحقانها والعمل على تحسين مخرجاتهما.