الاستدعاء الخاطئ
ما إن يقع لاعب أو مدرّب أو إداري أو أي أحد من أطراف اللعبة لدينا في خطأ، حتى يتم استدعاء القيم والهويّة لمحاصرة المخطئ وتنميط سلوكه. وهذا في رأيي تفاعل بعيد.
فكُرة القدم لُعبة لها قوانينها المعروفة في العالم كُلّه ولا يمكن أن يكون قانونها في البرازيل مختلفاً عن ذلك المٌطبّق في نيكاراجوا. وحازت محبوبة الشعوب على كل هذا الحب بسبب أنها غير قابلة للتعاطي السياسي والديني والعرقي وليس لها علاقة بالتفاسير الخاصة بكل بلد.
إننا كشعب منفتحون جداً ومررنا بأزمنة طويلة استقبلنا فيها عشرات الجنسيات من مختلف أنحاء العالم عاشوا ويعيشون بيننا دون إقصاء ولم نكن نبني علاقتهم معنا أو علاقتنا معهم على أساس ضيّق بل كُنّا وما زلنا مساحة هائلة للتعايش والتفاهم والمشترك الإنساني.
والأندية الرياضية لدينا وكذلك المنافسات بكل أشكالها ليست ميداناً تربوياً أو مناخاً لصناعة القدوة بل هي محضن لتفريخ ممارسين يجيدون الألعاب فقط ويحصدون الألقاب دونما أن يكون مطلوباً منهم أكثر من ذلك، والممارس ينخرط في لعبته التي يجيدها بناءً على مقابل مالي وعرض وطلب وفرص متاحة وعقود ضامنة لحقوق الأطراف كافّة. وفي حال ارتكب لاعب سواء في ميدان كُرة القدم أو غيره فعلاً خارج الإطار فإن مرجعه في ذلك من ناحية العقاب والمحاسبة سيكون قوانين اللعبة الموضوعة لا قيم المجتمع ومبادئه.
إن الجنوح الكبير في التعاطي مع الحالات الكروية لا يُنبئ عن فهم عميق للتداعيات ويأخذنا إلى مناطق بعيدة جداً في الأخذ والرد ويعكس صورة لا نريد أن تترسّخ في ذهن أحد. كما أن التشدّد في الطرح والذهاب به نحو الحدّية يوجد في مناخنا أجواء غير مُريحة على الإطلاق.
لقد أعطينا الدوري السعودي للاعبين المحترفين قفزة هائلة ووفدت إلينا عناصر رفيعة وجذبنا المحيط حتى تجاوزناه ووصلنا إلى القائمة الدوليّة في السوق العالمي، والجهة التي عملت وتعمل على هذا لن تتوقف نتيجة ارتفاع الصوت المجتمعي الذي بات جزء منه خارج سياق النهج الجديد وفق ما يظهر منه من تأطير للحالات بناء على ما يؤمن به هو لا بناءً على ما تفرضه أنظمة اللعب.
إن الأحداث الخارجة من مباراة كُرة قدم لن تخالف قانونها وستكون محكومة بما هو موضوع مهما كانت التفاعلات، ومن يحضر في الملعب سيسمع وسيشاهد كل شيء، ومن يفضّل النقل عبر التلفاز فإن إشارة +18 لن تكون في أعلى الشاشة، ولن يتحرّج أحد.