2022-03-02 | 23:32 مقالات

مشاهد ودروس

مشاركة الخبر      

دول أوروبية قرَّرت وقف القنوات الفضائية الروسية من الأقمار الصناعية الأوروبية، وقبل يومين قرأت أن اليوتيوب أوقف قناة rt الروسية، وفي الطريق قد يفعل الفيسبوك أو تويتر الأمر نفسه إن لم يكونا قد أوقفا حسابات القناة فعلاً وأنا أكتب هذه الكلمات.
أمنياتي مثل أمنيات معظم سكان العالم أن تتوقف الحرب وتحقن الدماء، وأن يعيش البلدان المتحاربان في رخاء كل في بلده. في أيام الحرب الماضية وكل ما دار في فلكها دروس وعبر لا بد أن يستفاد منها، إن الذي لا يمتلك فضاءه لا يمتلك قنواته التلفزيونية، ومن لا يمتلك وسائل تواصله الاجتماعية لا يمتلك حساباته.
كل وسائل التواصل المعروفة هي لشركات أجنبية، فكيف سيكون الحال عند أي خلاف قد يقع مع الدول التي ينتمي لها ملاك تطبيقات التواصل الاجتماعي؟ هل نمتلك منصات لا يستطيع أحد إخراجنا منها ونستطيع من خلالها أن نقول رأينا ونظهر موقفنا؟ أم سيقومون هم وحدهم بهذه المهمة وبالطريقة التي تناسب مصالحهم؟.
المتابع للإعلام الأوروبي والأمريكي في الأيام الماضية يستطيع أن يستخلص كيف تم توجيه المادة الإعلامية، هذه قوة من يمتلك القوة الناعمة التي لا تقل عن قوة الطائرات والدبابات. بالأمس استمعت لمذيع الأخبار وهو ينقل أبرز ما جاء على لسان مسؤول أمريكي بأن القصف الروسي على مدن أوكرانيا خلّف كوارث إنسانية، وأنا أتفق معه، لكن المؤلم أننا تعودنا على اختفاء إنسانية هذا المسؤول إذا ما الغزو كان من قبلهم كما حدث على العراق.
هذه الحرب أظهرت ازدواجية المعايير بصورة مؤلمة، فلا يمكن أن تحضر الإنسانية لمصلحة شعب معين وتختفي ضد شعب آخر! أثبتت الأيام الأخيرة أن حرية التعبير الأوروبية تحتاج إلى مراجعة، لأنها أشبه بقميص مفصّل على مقاساتهم، يكبر حينًا ويصغر حينًا آخر، وكل من لا يرتديه يعتبر متخلفًا وقمعيًّا، حتى لو كان يبعد عنهم آلاف الأميال، والعجيب أنهم لا يترددون بالتخلي عن القميص ورميه عند الحاجة لذلك.
ما فعلته روسيا أسميه غزوًا، والروس لغاية الآن يقولون إنهم لن يحتلوا أوكرانيا. لا ندري إلى أين تتجه هذه الحرب، لكن بعض دروسها تكشفت، والمؤكد أن العالم ليس قرية صغيرة كما رددوا، العالم طوال وجوده كان عالمًا كبيرًا ولم يكن قرية، فيه القارات والأعراق والديانات واللغات المختلفة، وليس من حق أي قوة أن تنتقص من شعب آخر وتختار له أسلوب حياته وتغيير عاداته وتقاليده، أو الحصول على خيراته لمجرد أنها أقوى. أتمنى أن يعم السلام.