العودة
إلى الثمانينيات
انتهى أحد أطول المواسم في كرة القدم السعودية خلال يونيو الماضي، تاركًا خلفه تساؤلات كثيرة تتعلق بتكرار أخطاء الماضي والعودة إلى التفكير بالطريقة نفسها، ما برهن أن المسؤولين عن اتحاد اللعبة ما زالوا يستخدمون أدوات قديمة بعيدًا عن التطور الذي غيّر وجه الرياضة بفضل الأنظمة الجديدة والإجراءات التي باتت تكفل تحييد الاجتهادات الفردية والقرارات السلبية.
ويتضح من خلال برمجة مشاركات المنتخب السعودي أن مسؤولي اتحاد اللعبة ما زالوا يتصرفون بالطريقة نفسها المعتمدة في السبعينيات والثمانينيات، حين كانت الأولية لظهور المنتخبات الوطنية في البطولات الخليجية والعربية والإسلامية والآسيوية بالمنتخب الأول، حتى لو كان الثمن استكمال مباريات الدوري المحلي بدون اللاعبين الدوليين، علمًا أنها حالة خاصة لا تطبق إلا في كرة القدم السعودية.
واللافت أن عودة اتحاد كرة القدم إلى الأسلوب نفسه بضرورة إرسال المنتخب الأول أو نصف لاعبيه الأساسيين إلى البطولات، جاءت لتبرهن أن حتى العودة إلى الوراء غير ممكنة بعدما أصبح إيقاف المنافسات المحلية الحل الأنسب بالنسبة لصانعي القرار في الاتحاد السعودي، وفي المقابل القضاء على خطط الأندية والتأثير على التزاماتها مع اللاعبين والمدربين وحتى الاتحاد الدولي لكرة القدم، لأن التعامل مع عالم المحترفين في الخارج يحتاج إلى منظومة محترفة في الداخل، ولعل ما يحدث حاليًا أقرب إلى إجراءات الهواة واجتهاداتهم.
تظهر تجارب بعض الدول وترتيباتها الخاصة في لعبة كرة القدم خروجًا على المألوف، وغالبًا ما تسهم هذه الخصوصية في عزلة تجعل أنديتها وجهة غير مفضلة للاعبين والمدربين، وتضعف من قدرة اتحاداتها على التواصل مع العالم بسبب عدم توافقها مع النظام العالمي وخطط الجهات الراعية أو الراغبة في الاستثمار، ومن المؤكد أيضًا أنه لا يتوافق مع استراتيجيات الدولة المتقدمة ومنها السعودية التي تراهن على أن تكون جزءًا فاعلًا ومؤثرًا في العالم قياسًا على قدراتها الاقتصادية وتوجه قيادتها نحو العمل دائمًا ضمن منظومة دول العالم المتقدمة.
يبقى أن مشاركة المنتخبات السعودية في البطولات الإقليمية مهمة لكنها ليست أهم من استمرار منافسات الدوري المحلي بالتوازي مع نظيراتها في أوروبا أو شرق آسيا، إذ أن التوقف المستمر لمباريات الموسم المحلي بداعي المشاركة في البطولة العربية أو الإسلامية يعني بالضرورة إفساد برمجة البطولات المحلية، خاصة عندما يصر اتحاد كرة القدم على مشاركة المنتخب الأول أو الأولمبي أو استضافة تصفيات الأندية الآسيوية على حساب إيقاف المباريات المحلية بطريقة تفتقد إلى الحكمة.