أفكار
مجنونة
من سوء حظ المسؤول الناجح في أحيان كثيرة الدخول إلى عش الدبابير بالعمل في المجال الرياضي والتعامل مع بيئة لا تؤمن بالمنطق، ولا تعتقد بوجود الحياد لدى صاحب القرار الرياضي حتى لو أدى القسم قبل توليه المنصب، ما جعل أكثر من مسؤول في الأندية أو الاتحادات يبرهن نجاحًا لافتًا بمجرد ابتعاده عن المجال الرياضي وانعتاقه من الأجواء غير الصحية التي تخلقها غالبًا سيطرة نظرية المؤامرة على تفكير عشاق كرة القدم.
من هؤلاء تركي آل الشيخ، الذي غادر منصبه الرياضي وسط اختلاف بين أنصار الأندية على تقييم مرحلته وتأثيرها سلبًا أو إيجابًا، ولا يبدو أن آل الشيخ نال ثناء الجميع بعدما حددت نتائج الفرق توجه جماهيرها نحو المسؤول دون اهتمام منتقديه بالتحولات التي شهدتها الرياضة خلال فترة محدودة، ومنها إعادة الحياة إلى الألعاب المختلفة، واستقطاب المناسبات العالمية إلى الرياض وجدة بدرجة لفتت أنظار الإعلام في أمريكا وأوروبا إلى التغييرات المتسارعة التي بدأت تظهر في السعودية.
ومن سوء حظ آل الشيخ وربما من حسن حظه أنه انتقل من الرياضة إلى هيئة الترفيه التي لم تكن تملك من المقومات أكثر من اسمها، لاعتبار أنه تولى مهمة بناء صناعة لا وجود لها في السعودية وخلق ثقافة لا تحظى بسوق رائجة في المجتمع، وخلال الشهر الماضي بدأت هيئة الترفيه في تنظيم معارض وأنشطة هدفها خلق ثقافة تؤمن بأهمية السائح الذي يأتي من الخارج، لينفق ماله من أجل شراء ما لا يجده في بلاده، ومنها افتتاح متاجر “آوت لت” للبضائع المخفضة مع إمكانية استرداد السائح للضريبة، علمًا بأن البلدان الأوروبية تعتبر هذا النوع من المتاجر مصدرًا مهمًا من روافد اقتصاداتها.
ويمكن للمتابع أن يرى نجاح هيئة الترفيه في تحقيق أهداف الرؤية، من خلال العمل على استقطاب مليارات الدولارات من الخارج إلى الداخل، بينما ما زالت بعض القطاعات لا تؤمن بأهمية تنوع مصادر الدخل وأهمية الاستثمار في مشاريع يمكنها جلب الأموال من الخارج، وفي مقدمة هذه القطاعات البنوك المحلية التي لم تغير من نظرتها للاقتصاد ولا سياستها في تمويل الاستثمارات الأجنبية داخل السعودية، ولا تبدو عناوين رؤية 2030 مبهمة، غير أن الفرق يظهر في فهم المسؤول لتفاصيلها واقتناعه بأهميتها، وبين عدم إلمام المسؤول بالرؤية وافتقاده للحماسة وروح المبادرة، وهذا ما برهن نجاح تركي آل الشيخ كواحد من أفضل المسؤولين العاملين على تحقيق أهداف الرؤية وبالسرعة المطلوبة.