2022-12-04 | 22:59 مقالات

رسائل واتساب

مشاركة الخبر      

رسائل الـ”واتساب” التي وصلتني في الفترة الماضية معظمها مقاطع فيديوهات من كأس العالم، جماهير تحتفل بفوز منتخبها، جماهير تبكي، جماهير فريقين متنافسين يرقصان بسعادة وعفوية رغم خسارة أحدهما، كل هذه المعارك على جبهات المستطيل الأخضر بلا دماء، لذلك رقصوا، حروب الدماء فقط تولد الأحقاد.
احتفظت بعدة رسائل ممتعة، واعتدت أن أبقي الرسائل التي تعجبني حتى تمتلئ الذاكرة، وحينها أكون مضطرًا لمسح بعضها. رسالة “واتساب” وصلتني من صديق عربي نشيط، ونشيط لأنه يعمل ثلاثة أعمال في اليوم، ليس باختياره بل لظروفه المادية، والظروف الصعبة تجبر المرء على ألا يهدر شيئًا من وقته لكي يقاوم، صديقي في نشاطه يطبق المثل القائل: مجبر أخاك لا بطل. رسالته كانت حكاية مُدّرس، تندرج في باب طرائف البخلاء (يقول مدرس: في بداية عملي كمدرس عملت في إحدى القرى.. كان أهالي الطلاب يدعونني على الغداء، كانوا في غاية الكرم، وفي أحد الأيام جاءني طالب وأخبرني أن والده يدعوني لتناول الغداء في بيتهم فقبلت دعوته. في طريقي إلى بيته قابلني أحد طلابي وحذّرني أن والد زميله بخيل إلى درجة لا توصف، لم أعر كلامه اهتمامًا وتابعت طريقي، ولما وصلت استقبلني والد الطالب بالترحاب وأدخلني إلى غرفة المضافة وطلب من زوجته إحضار الطعام، فلما جاءت به فوجئت بأن الغداء عبارة عن صحن من البرغل مع وعاء لبن وحسب، قال لي الوالد: تفضل يا أستاذ ! أنا لا أحب البرغل ولا أتناوله إطلاقًا ولكنني خجلت من الرجل فأمسكت الملعقة وصرت أتناول القليل من البرغل مع اللبن. بعد قليل دقت زوجته الباب وقالت لزوجها: هل أحضر الدجاج؟ فأجابها: لا.. ما زلنا نأكل البرغل. كنت جائعًا في الحقيقة فقلت له: دعها تحضر الدجاج.. فرمقني بنظرة قاسية ولم يتكلم ! بعدها بقليل دقت الزوجة الباب ثانية وقالت: هل أحضر الدجاج؟ فقال لها: اصبري قليلًا. وأملًا في أن يؤتى بالدجاج قلت للرجل: لقد شبعت الحمد لله.. بارك الله فيك.. شكرًا لك. فقال لي: العفو.. هذا واجبنا. وإذا به ينادي زوجته ويقول: احضري الدجاج ! حقيقة دهشت واستغربت وقلت لنفسي: الآن بعد أن مللنا الانتظار يُحضر الدجاج.. ولكن دهشتي كانت أكبر لمّا رأيت زوجة البخيل تُدخل دجاجًا حيّا إلى المضافة وأخذ الدجاج يلتقط حبات البرغل التي بقيت على المائدة!). الحكاية أضحكتني لأن نهايتها مفاجأة، أتصور أننا يجب أن نضيف أدب المفاجأة لبقية التصنيفات الأدبية. الرسالة الثانية أرسلها أحد الزملاء المهتمين بالتراث، نصحته أن يعمل في قسم الإعداد للإذاعة لكنه رفض قائلًا: عندما تتحول الهواية إلى عمل تفقد الكثير من متعتها، الرسالة كما وصلتني نقلها وأعدها رياض العربي من طرائف وروائع العرب بالشعر والأدب (يحكى أن شابًا ثرثارًا رأى شيخًا كبيرًا ذا ذقن طويلة غزاها الشيب يجلس مرّة على باب سوق، فأراد هذا الشاب أن يبدأ معه حديثًا يسليه به، فأتى إليه وسلّم عليه وقال له: هل لي بسؤال يا عم؟ فقال له الشيخ الكبير: تفضل يا بني. فقال الشاب: أتضع ذقنك هذه فوق اللحاف عند نومك يا عمّاه أم تحته؟ سكت العجوز برهة ولم يعرف لسؤال هذا الشاب جوابًا، لأنه لم يتفطن لما يفعله بها عند نومه من قبل، لكنه وعده أن يلاحظ ما هو فاعل بها عندما ينام الليلة، وفي الصباح انطلق العجوز باحثًا عن الشاب في السوق بكل عزمة، ولمّا لقيه سلم عليه وانهال عليه ضربًا وقال له: أربعون عامًا وأنا أحمل ذقني أينما حللت ولا أشعر منها بثقل لا في نوم، ولا في طعام ولا في شراب، أما الليلة فقد جافاني النوم ولم أعرف له طريقًا، إن رفعتها فوق اللحاف أحسست بأنني مشنوق، وإن وضعتها تحت اللحاف أحسست بأنني مخنوق، فاذهب لا بارك الله في أعدائك، ولا سلّطك بثرثرتك على أحد).