فارس «الإخبارية»..
يطرب
قد يسبِّب نجاح الصحافي، الذي اسودَّت أطراف أنامله من الورق في قيادة قطاع التلفزيون، حساسيةً لدى بعض المنتمين إلى هذا الجهاز، فهم يرون أنه لا يمكن لمَن تلطخت أياديهم بالحبر أن ينجحوا في المواقع القيادية، ما عدا “آل التلفزيون”، ومَن نشأ بين كاميراته، وصرخ بأعلى صوته في استديوهاته، ووقف على بثه، وترعرع في وحدات مونتاجه.
تلك الحساسية المفرطة ولَّت دون كتابة وصفة طبية، فالتجربة كانت خير برهان لمعالجتها، فمَن نهض بقطاع التلفزيون، وجعله برَّاقًا ولامعًا وجاذبًا في السنوات الأخيرة، هم أبناء الصحافة الورقية، وهذه ليست وجهة نظر قابلة للنقاش، بل حقيقة دامغة وراسخة..
أبناء الصحافة ممن بدَّلوا ذلك المفهوم لدى “آل التلفزيون”، وجعلوا نجاحهم مخلَّدًا في مسيرة الشاشات، مستمدين قوتهم من الورق، عبد الرحمن الراشد وتجربته الناجحة والتاريخية في قناة العربية، ولا يقلُّ شأنًا عنه محمد التونسي في قناة الإخبارية، وتلاه جاسر الجاسر في القناة ذاتها، ولا أنسى داود الشريان وما قدمه في قناة MBC، وكذلك رئاسته هيئة الإذاعة والتلفزيون، وصولًا إلى محمد الحارثي، الذي جعل من الهيئة ذاتها بيئةً خصبةً للنجاح، وانعكس ذلك على مخرجات القنوات السعودية، ولا يزال متوهجًا في مكانه، وأيضًا الرائع ممدوح المهيني، فهو مَن عزز مكانة “العربية” بروحه الشابة، وجعلها لا تشيخ، والصديق مساعد الثبيتي، وما يقدمه من عطاء مغلَّف بالمهنية والاحترافية في قيادة أخبار MBC.. لائحة الصحافيين في هذا السياق تطول..
ما استوقفني فيما سبق، متابعتي قناة الإخبارية منذ تولي الزميل فارس بن حزام زمام الأمور في دهاليزها، فقد كانت قبل ذلك ذابلةً، واصفرَّت أوراقها، فأعاد إليها الحياة عندما سقاها بماء المهنية والخبرة الصحافية، فأزهرت عطاءً، وأينعت مهنيةً في كافة منصاتها..
تابعت تغطية قناة الإخبارية لمشروع تخصيص الأندية السعودية، فخرجت ببث مباشر ساعات طويلة، وتقارير، ولقاءات مع ضيوف ومراسلين أمام الأندية التي تم تخصيصها، وموادَّ تثقيفية حول المشروع، ومقابلات حصرية، جهدٌّ لم تقدم ربعه قنوات رياضية متخصِّصة، وقبل ذلك تغطية رحلة الفضاء، وغير ذلك من المناسبات التي تدخل مطبخ الإخبارية، فتخرج منه أطباقًا وأصنافًا لذيذة، لا يشبع منها المتلقي، ولا تصيبه بالتخمة التلفزيونية.
الأمر ذاته ينطبق على نشرة الأخبار التي يتعامل معها فارس وفريق عمله، وكأنها صحيفة، فكل مجال يأخذ حقه الكامل من التغطية والحصرية والمتابعة، فالفن والرياضة والترفيه حضورها في نشرات “الإخبارية” مغاير عن بقية المحطات، ويفوقها احترافيةً وذكاءً.
فتحيةً يملأها الإعجاب والتقدير لكل شخص يعمل بإخلاص في “الإخبارية”، وجعلها تسطع في سماء الفضاء الإعلامي.