داخل
الصندوق
عرفت كرة القدم السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولات سريعة قادتها إلى واجهة اللعبة في العالم من خلال دخول بطولة الدوري في منافسة حقيقية مع أقوى المنافسات الكبرى في أوروبا، ومع توالي خطوات التطوير ظهر أن الإعلام المحلي يمشي ببطء وراء المنظومة الرياضية التي تتقدم بطريقة يصعب على كثير من الصحافيين ومسؤولي المنصات الإعلامية مجاراتها.
ويبدو أن أصحاب المدرسة التقليدية في الإعلام الرياضي يواجهون مصاعب في استيعاب ما يحدث في كرة القدم السعودية، ما جعلهم يخلطون بين أدوات اللعبة في عهد الهواية ومرحلة الاجتهاد وبين حاضرها القائم على الاستثمار وجني الأرباح المالية، حتى إن بعض هؤلاء يطالب بالضغط على صندوق الاستثمارات لإتمام الصفقات دون بحث التكلفة أو التفاوض مع اللاعبين على مبلغ الصفقة، بينما يطالب فريق منهم بالتعاقد مع أفضل نجوم العالم بعيدًا عن تحديد سقف مالي للإنفاق بداعي أن هذا النادي صاحب أكبر رصيد من الإنجازات أو الشعبية.
ويبدو أن الإعلام الرياضي بحاجة إلى سنوات لفهم الغاية من سن الأنظمة الجديدة وعقد الاتفاقيات الاستثمارية وتحويل الأندية إلى شركات ربحية، خاصة أن طرح بعض المتعصبين من شأنه تعطيل المشروع وتفريغه من مضمونه من خلال الإصرار على أن عضو الشرف الثري ما زال المسؤول عن تمويل صفقات النادي والإنفاق بلا حساب لتلبية طلبات المشجعين، دون انتظار لجني أرباح باستثناء حب الجماهير ورضاها عن هذا الرجل المنقذ الذي لا يفصح عن مصدر الأموال التي ينفقها ولا المصلحة من بذلها، وهذا إجراء يخالف أبسط قواعد الاستراتيجية الساعية للتطوير الشامل.
واللافت أن الإعلام التقليدي ما زال يقود صناعة المحتوى في أندية الشركات، فضلًا عن التحكم في سمعة هذه الكيانات التجارية بتشكيل صورتها في سوق اللعبة، ويكفي أن أكثر المراكز الإعلامية في الأندية تدار على طريقة الصحف المحلية والقناة الأولى في التليفزيون خلال فترة السبعينيات، حين كان يتم التعامل مع خسارة المنتخب السعودي والأندية في المنافسات الخارجية بتعتيم يصل أحيانًا إلى عدم عرض أهداف الفريق الخصم في نشرات الأخبار وتجاهل الحديث عنها في البرامج، وهذا تقليد ما زال متبعًا في مراكز الأندية التي تتوقف عن البث فجأة حين يخسر فريقها باستثناء نادي الاتحاد الذي يتعامل مركزه بطريقة احترافية تراعي أن أداء مهمتها يتطلب نقل الصورة كاملة، بعيدًا عن العمل على ستر عيوب الفريق والتعتيم على هزائمه.