شيخ المدرعمين.. ودائرة «يقولون»
استفزت النجمة الكبيرة منة شلبي عملاق السينما المصرية أحمد حلمي قبل 15 عامًا، بكلمة “يقولون”، فاستشاط منها غضبًا في مشهد لفيلم “آسف على الإزعاج”، عندما قالت له معلومة أن “الضحك يطول العمر”، فطلب منها فورًا مصدر المعلومة، فأجابت بكلمة واحدة والخوف يملأ عينيها “يقولون”، وهنا بدأ حلمي في وضع حد لهذه الكلمة التي أزعجته، وقال: “الكلمة هذي تستفزني كثير، ومين هم يقولون، وليه هم في كل مكان، ونفسي أشوف واحد فيهم”.
هربت منة من اللعنة التي أصابتها بسبب كلمة كانت في غير محلها لتعرض على صديقها حلمي الذهاب إلى محل الدراجات النارية، جديدة متحققة من جودتها، ولم تسمع عنها في “يقولون”..
وقبل صرخة “السوشال ميديا”، كان لكلمة “يقولون” أهمية كبرى، ومصدر أول للأخبار، حتى بات يطلق عليها “وكالة يقولون”، وتتلخص في عرض الأخبار دون إسنادها إلى مصدر صريح أو موثّق..
ومع الثورة التقنية في عالم المنصات الرقمية تحول معها البشر إلى مراسلين صحافيين دون أن ينتموا إلى وسائل إعلامية، واختفت كلمة “يقولون” وانهارت وكالتها وأفلست بعد أن انكشفت، لكن رمادها اشتعل فيما بعد، وورد نارًا سميّت لاحقًا “المدرعمين”، وتعريفهم “أشخاص يأخذون طرف علم ويردون ويعلقون ويهاجمون ويدافعون رغم أنهم لم تتضح لهم الصورة كاملة والدائرة لم تكتمل أقطارها”..
وعند أهل “العوام” يعرّف “المدرعم” بأنه “من يطير في العجة”، و “مطفيّ النور”..
هؤلاء أصبح لهم سطوة كبرى في منصات التواصل الاجتماعي، وأصبحت شوكتهم قوية لكن سرعان ما تكسرها الحقيقية، وهم هامدون ينتظرون من يحركهم فيهزون رأسهم “ويدرعمون” معه وهو بمثابة “شيخهم”، وعندما ينكشف حاله ويتبيّن بأنه مخطئ، يتورطون، وحينها يدخلون في دوامة الحسرة وعلاجها “المسح”.. بعد أن “حطوا أنفسهم في مواقف بايخاااه”..
لا أعرف لمن يقع اللوم، هل على “شيخ المدرعمين” أم “آل المدرعمين”؟. ولكن المحصلة تقول إن الطرفان خارج “دائرة الاهتمام” المجتمع بعد أن فقدوا مصداقيتهم، وشيخهم دأب على هز رأسه في أي قضية ولا يكلف نفسه عناء “الفهم”، فيكون فاقد الوعي “ثقافيًا” و”مهنيًا”..
لشيخ المدرعمين ومن يتبعه، لا تصدروا الأحكام قبل أن تتعرفوا على “الحقيقة الغائبة” وأركان القضية.. ولا تجعلوا من أنفسكم صيدًا سهلًا لسنارات الحق والمهنية وأصحاب المواقف الثابتة.. واحترموا أنفسكم وحاسبوها وهذبوها فلا قيمة للإنسان بدون احترام وإلا يكون “......”، فالعقول الناضجة تبني الأجيال والأمجاد، والناقصة تهدمها.. وآمل أن تصل الرسالة واضحة وتدخل في دائرة اهتمام “شيخ المدرعمين”..