العالم
الذي نعيش
الترند اليوم هو الذكاء الاصطناعي، وهو ليس ترند موضة وتختفي، بل حقيقة تفرض نفسها على أرض الواقع، ويجب أن نتقبلها بمحاسنها ومساوئها، ومرورًا سريعًا في الإنستغرام أو التوك توك ستظهر لك عشرات الإعلانات عن التطبيقات الشبيهة بشات جي بي تي.
هذا الذكاء يقدم نفسه كرسام بديل عن الرسامين، ومحاسب بديل عن محاسبين، ومبرمج وكاتب وسكرتير وصديق ومصمم جرافيكس وكاتب إعلانات ومذيع ومصمم مواقع والعديد من الأمور الأخرى. آخر ما شاهدته من خدمات جديدة يقدمها الذكاء الاصطناعي هي قراءة قصص ما قبل النوم أنت تحدد مواضيعها، كل ما عليك هو أن تكتب له سطرًا أو سطرين عن موضوع القصة وتختار الصوت الذي سيحكيها لك. ومع أني ممن يرون ضرر الذكاء الاصطناعي في أن يحل بديلًا عن الكثير من الموظفين، إلا أن حكاية مؤلف وراوي القصص أعجبتني وأفكر في الاشتراك ودفع الرسوم الشهرية، فبدلًا من أن تتعب خيالك مختلقًا القصص لنفسك قبل النوم هناك من سيحكيها لك بكل احترافية. إن أردت أن تكون لاعبًا مهاجمًا تسجل الأهداف فكل ما عليك هو أن تكتب سطرًا أو سطرين وتغمض عينيك وتستمع للحكاية وتنام سعيدًا معجبًا بنفسك. الطريقة سهلة وإليكم هذا المثال على القصة التي أريد الاستماع لها بعد أن أدفع رسوم الاشتراك، سأكتب له هذه الأسطر ليؤلف عليها قصة متكاملة بأحداثها الشيّقة: أحمد مهاجم يتفوق في مباراة على كريستيانو رونالدو الذي يلعب في الفريق الخصم، اجعل رونالدو يسجل هدفًا أو هدفين حتى تبدو المباراة مثيرة، لا تنسَ أن تقول بأن الجماهير بعد نهاية المباراة حملت أحمد على أكتافها احتفالًا بالانتصار واعترافًا بفضل موهبته الكبيرة. أرجو أن لا يعترض أحد على موضوع قصتي، خلوني أستانس!.
لا يعرف معدن الإنسان إلا في التجارب الحقيقية، يعرف الأمين عند اختبار أمانته، والعادل عندما يعدل عند قدرته على الظلم، والكريم عندما يعفو، أو عندما يقتسم ما عنده مع المحتاج أثناء الظروف الشديدة الصعوبة، كل معادن الناس تتكشف أثناء المواقف والشدة. نسبة من الناس في العالم لا أعرف كم تبلغ لم يسرقوا ليس لأنهم متمسكين في الأخلاق الرفيعة والأمانة، بل لأنهم لم يجدوا الفرصة التي تمكنهم من (لهف) ما تصل له أيديهم، ويظهر هؤلاء في ظروف معينة كأن يُفقد الأمن في بلدهم، وفي الحروب الأهلية عندما تعم الفوضى وتتشكل العصابات، أي أن ضعاف النفوس موجودون على أهبة الاستعداد لممارسة ضعف نفوسهم، وما يمنعهم ويخفيهم إلا الخوف من العقاب. أحد البنوك قبل أيام حصل في نظامه خللًا يسمح لحامل البطاقة المصرفية أن يسحب من الصراف الآلي مبلغ 1000 يورو وإن لم يكن في حسابه هذا المبلغ، ماذا حدث؟ طوابير من الناس وقفت على الصراف الآلي لكي (تلهف) الألف يورو، كبار وشباب ونساء شابات وكبيرات في السن. كان منظرهم في الصور التي التقطت لهم يعكس حقيقة أن الكثير من الشرور تبقى كامنة في دواخل جزء من البشر وتتكشف عندما تحين فرصتها. الجيد في الخبر أن البنك أعلن بأنه سيسترد المبالغ ممن أخذوا مالاً ليس مالهم، كان البنك لطيفًا عندما لم يصفهم بالحرامية.