العالم الذي نعيش
ـ مقال اليوم من أخبار العالم الذي نعيش فيه، العالم الذي لا تتوقف غرائبه ولا عجائبه، ولا أفراحه ولا أحزانه. هو أشبه بدائرة تدور، وفي هذا الدوران تولد أفكارٌ جديدةٌ، تقود العالم، وفي الدوران نفسه يكرِّر الإنسان أخطاءه.
يقال إن المكان الذي تبيع فيه بضاعتك، هو الذي يحدِّد سعرها قبل جودتها، وأن بعض ما ينجح بيعه في مكان ما، قد لا ينجح في مكان آخر. وقد قال لي أحد الرسامين: إنه لم يستطع بيع لوحاته بالسعر الذي تستحقه إلا عندما نقل معرضه من مكان إلى آخر، فيه القدرة الشرائية مرتفعةٌ. قبل سنتين افتتح رجل صيني مطعمه الجديد على طريقة “البوفيه”، وهي طريقةٌ مفضَّلةٌ لدى كثير من عشاق الأطعمة، لأنهم يستطيعون تذوُّق أنواع مختلفة منها، في المقابل يعتمد صاحب البوفيه في جذب الزبائن على هذا التنوُّع الناجح، وعلى أن الزبائن لن يأكلوا أكثر مما لو كانوا يتناولون وجبةً واحدةً. ما حصل لصاحبنا، أن رجلًا “أكولًا” تسلَّط عليه، وصار يأكل لوحده كل يوم ما يعادل سبعة، أو ثمانية زبائن، إضافةً إلى أنه لا يأكل إلا اللحوم والأسماك مرتفعة الثمن، الأمرُ الذي اضطر صاحب المطعم إلى أن يلغي البوفيه، ويقول: إنه لن يعيد فتحه إلا إذا غادر “الأكول” المدينة. هذه الحكاية تتكرَّر بين مدة وأخرى في أنحاء العالم، وآخر الحكايات ما أعلنه صاحب مطعم جديد في المكسيك عن إلغاء فكرة البوفيه، لأن عائلةً كاملةً من محبي الأكل، أصبحت تتناول غداءها وعشاءها في المطعم بشكل يومي! وقال صاحب المطعم: إنه ألغى الفكرة، لأن العائلة المكوَّنة من سبعة أفراد، يأكلون ما يأكله 30 فردًا عاديًّا، حسب تعبيره. وأضاف أن كل المحاولات لثنيهم عن تناول الطعام في مطعمه، باءت بالفشل! فكرة البوفيهات ناجحة شرط أن يكون سعر تناول الطعام مرتفعًا بالأساس حتى إذا ما جاء من يأكل الأخضر واليابس، لا يكون قد أكل أكثر مما دفع.
ـ لو كان الجميع عقلاء، لبارت ملايين السلع الكمالية، وتوقفت آلاف المصانع عن العمل، وخسر ملايين الناس أعمالهم، لذا يستفيد عالمنا اقتصاديًّا من جنون الموضة، وجنون الشراء، وجنون كل الأفكار المجنونة التي تقود بعض العقول. في بريطانيا، أجرت ديزي ودوللي سيمبسون سلسلةً من عمليات التجميل، لتظهرا مثل “باربي” التي تعشقانها! العمليات الجراحية في سبيل “الغاية العظيمة” هذه، كلَّفت أكثر من 200 ألف دولار، إضافةً إلى كمٍّ هائل من آلامها! ربما يقول أحدهم: إنها حريةٌ شخصيةٌ. وأقول: فعلًا، هي حريةٌ شخصيةٌ، ولولا هذه الحرية، وما يشبهها لما أصبح كثيرٌ من جرَّاحي العمليات التجميلية مليونيراتٍ.