كلام
ويك إند
ـ السفر وحيدًا له ميزة أنك لا تتحمل سوى مسؤولية نفسك، لكنه من ناحية ثانية سفر بلا رفيق، واختلف الناس بين مفضل للسفر وحيدًا وبين السفر مع صديق أو أكثر، وأعتقد بأن أمر السفر مع صديق يعتمد على نوع الصديق، فهناك من يهتم براحتك وذوقك فلا يستبد بقراراته، وهناك من يجعل من سفرك عذابًا لا عذاب مثله. هذه المرة سافرت مع صديق سبق وسافرت معه، إنه مثل الريشة التي لا تشعر بثقلها، ومثل الجبل إذا ما أردت أن تستند عليه. أثناء توجهنا للمطار بدأ بتكرار نظريته التي تقول إن القليل من المال كافٍ لحياة هانئة ومريحة، لم أناقشه هذه المرة، لكنني أجبته بعد أن اشتكى وتذمر من ضيق مقاعد الدرجة السياحة: إن القليل من المال كافٍ لحياة هانئة ومريحة!
ـ عندما وصلت اتصلت بهم، مثل كل مرة أحرص فيها على رؤيتهم، فرقتنا ظروف العمل، لكنها لم تشتت محبتنا، ذهبنا إلى المطعم الذي اعتدنا الذهاب إليه، بعض المطاعم الشعبية لا يقاوم طعمها ومن يقصدها لا يبحث عن ديكورات أنيقة وكراسٍ فارهة، بل يقصد الطعم الذي يسيل له اللعاب. بعد أن وضع الجرسون الأطباق طرحت السؤال التالي: أصل الفلافل من وين؟ أجاب صديقي المصري.. مصرية طبعًا.. ده نص الأكل في العالم احنا مصدرينه. قاطعه صديقي الفلسطيني: فَشر.. عمركم ما كان عندكم أكل متل اللي عنا.. الفلافل فلسطينية وطول عمرها فلسطينية.. واللبنانيين تعلموها منا لما كانوا يهاجروا يشتغلوا بفلسطين. طال النقاش الذي انتهى بتناول الكنافة النابلسية، ولم يتردد صديقي الفلسطيني من القول وهو ينظر لصديقنا المصري: قول كمان الكنافة مصرية.. قول.. هذا اللي ناقص! لم يغيرهم الزمن منذ بدايات صداقتنا قبل 21 عامًا، لم يتوقفا يومًا عن التنافس ومحاولة إثبات كل واحد منهم تميزه على الآخر، لكنهما يحبان بعضهما، أثبتت السنين والمواقف حقيقة هذا الحب. عندما عدت إلى الفندق تساءلت: ترى.. ما هو أصل الفلافل؟ بحثت على الإنترنت.. والرواية التي شعرت بأنها الأقرب للحقيقة هي التي تقول إن أصلها مصري.. واسمها القديم (ذات الفول) أو الشي الذي فيه فول، ابتكرها الأقباط المسيحيون في مصر أثناء صيامهم، كانوا بحاجة لبديل للحم. أرجو ألا يقرأ صديقي الفلسطيني ما كتبته عن أصل الفلافل.. أتخيله يردد: فشَر!