2023-09-27 | 23:40 مقالات

العالم الذي نعيش

مشاركة الخبر      

في العالم الذي نعيش هناك مئات العوالم، والإنسان الذي لا يصنع عالمه يصبح رقمًا منسيًا في العالم الفضفاض الذي صُنع له، لم يختره بنفسه لكنه وجد نفسه فيه، يتابع يوميًا أخبارًا لا تعنيه، ويناقش في مسائل لا تخصه. منذ انضمام نجوم الكرة العالميين للكرة السعودية وأنا منشغل بمتابعة معظم المباريات، بدأت أرى أن جميعها مهمة ومثيرة ولا تتنبأ بنتائجها، آخرها في كأس الملك بين الاتحاد والخلود، كان الوصول لضربات الجزاء معنى يفيد بأن لا فرق صغيرة.
أما علاقة ذلك في العالم الذي نعيش فعلاقة مباشرة، لأني ومنذ تكثيف مشاهداتي للمباريات أصبحت في حالة نفسية أفضل، لأن عالم كرة القدم لا يثير الرعب مثلما تثيره أخبار العالم من حروب وكوارث حزينة، وأنا أحيي كل الذين عاشوا في عالمهم الذي يدور في نوع من أنواع الفنون والهوايات، عالم كرة القدم وعالم الرسم وعالم الأدب وعالم السيارات وعالم الحيوانات ومختلف العوالم الأخرى، لأنها عوالم واقعية وممتعة، والرائع أنك أنت من تصنعها لا هي التي تصنعك.
يعتبر وارن بافيت من أنجح المستثمرين في التاريخ الحديث، رجل بلغ الـ 93 عامًا وما زال عقله يعمل مثل ساعة سويسرية، غير مغامر، لكنه جريء بشكل محسوب، بدأت أقرأ ما ينشر له من محاضرات أو لقاءات منذ سنوات قليلة، وندمت لأني لم أقرأ له إلا متأخرًا لأنه لا يبخل في تقديم استشاراته المهمة، وأنا لا أقصد فقط الاستشارات في عالم الأعمال فلست برجل أعمال، لكن ما يقوله مفيد للحياة بشكل عام. آخر ما نصح فيه أصحاب الأعمال الصغيرة والكبيرة هي ألا يتوقفوا عن التفكير في كيفية إسعاد العميل وقال تحديدًا (اعمل ليس لإرضاء عميلك بل لإسعاد عميلك، إنه من المهم أن تبقي عملاءك في ذهنك باستمرار). كلام بافيت لا يصلح للتجارة فقط بل للحياة، نجاحنا كأفراد لا يكمن في إرضاء من نتعامل معهم بل في إسعادهم، في العمل الوظيفي يكمن الفرق بين موظف وآخر أن أحدهم يعمل بدرجة مرضية والآخر يعمل بطريقة تجلب السعادة لأنه يحقق نتائج مذهلة. حتى على الصعيد الأسري هناك فارق كبير بين أن ترضي أفراد أسرتك وبين أن تسعدهم. أرجو ألا يقول أحد القراء: وطالما تعرف ذلك فلماذا لا تكتب بأسلوب ومواضيع تسعدنا؟