ما بين ناقة الفراعنة وناقة الجاسر
اختار الشاعر الموهوب ناصر الفراعنة الناقة لتكون رمزية دخوله إلى مسرح شاطئ الراحة وسلاحه في معركة “شاعر المليون”، التي حتى وهو يخسر لقبها إلا أن قصيدته وناقته ذاع صيتهما وتأثيرهما أكثر من البرنامج الشعريّ، ونذكر الجيل الحالي بمطلع قصيدته الخالدة:
“ناقتـي يا ناقـتـي لاربــاع ولاسـديـس
وصليني لابتي مـن وراء هـاك الطعـوس”..
كان ذكاءً فريدًا من الشاعر المهووس باستثمار “الناقة” ليمتطيها في خيّاله “المجنون”، لكونها قريبة من أهل الجزيرة العربية وإلا لما سطرت لها الأبيات، وأقيمت لها المهرجانات، وأضحت أيقونة نصدر من خلالها ثقافتنا وموروثنا للعالم.
في الشعر تطل “الناقة” بكامل زينتها وسحرها الذي لا يعرفه سوى أهلها، وأيضًا في المهرجانات تظهر بشكل لائق، ولكن في السينما قدمت بصورة “مهزوزة” تمثلت في الحقد والضرب والكراهية والمنظر البشع، وعندما تسأل السبب يرد عليك.. “المخرج عاوز كده!”.. ولكن نحن “مش عاوزين العمل والمخرج أساسًا”..
فيلم “ناقة” الذي تبثه الآن منصة نيتفليكس العالمية، والتي أتمنى أن يغادرها سريعًا، ويتباهى به المخرج مشعل الجاسر وهو من وضع اسمه أكبر من أسماء أبطال الفيلم، وكأنه يريد أن يقول للعالم: “أنا مخرج هذا العمل الكبير”.. ولكن ردود الفعل حدثت عكس ذلك ولم تكن متوقعة وبرهنت أنه عمل “صغير” في زمن العمالقة.
شاهدت الفيلم، وأضعت ساعة و53 دقيقة في متابعته وهو لا يمثل مستقبل الأفلام السعودية ولا لما وصلت إليه من تطور ودعم كبيرين لهذه الصناعة، فالقصة مخجلة والإخراج مهزوز والألفاظ “المسيئة” متصدرة..
توقعت بأنيّ الوحيد الذي ينتقد الفيلم “المخجل فنيًا” ولكن كانت ردود الفعل مشابهة وغضب كبير من العامة ومن الممكن قياس ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عدا طبعًا “المطبلين” في الوسط السينمائي ومن تبنى آرائهم على المصالح الشخصية، على خطى “أمدحني اليوم وأمدحك بكره” أو “شد لي وأقطع لك”..
للمخرج الشاب والمتباهي بفيلمه “المتواضع فنيًا”.. أقول له: ما هكذا تورّد الأفلام يا مشعل؟.. وختامًا رأيي الصريح في فيلم “ناقة” يتشكل في “تحريك نقطة من اسم الفيلم”.