البروباغاندا
في «السينما»
شاهدت فيلمًا تحدث عن فتاة تكذب على والدتها بإخبارها أنها ستكون مشغولة طيلة اليوم مع صديقتها، وهو العذر الذي تتمكن من خلاله من الخروج مع- صديق أو حبيب- ولم يوضح الفيلم ذلك إطلاقًا. وورد ببالي تساؤل بعد معرفة هذا السطر أو الحدث “وهو ليس كل ما يحمل الفيلم في قصته بالمناسبة”، ولكنه حدث جعلني أتساءل بأمرين.
الأول ما الذي يجعل المخرج يتصادم مع ثقافة مجتمع يرى بأن صداقة المرأة والرجل وخروجهما وحدهما أمر مرفوض ومحرم؟ هل هو لأجل التغيير بحيث أن يغير ما في نفوس الناس بإخباره بأن ما يرونه الخطأ هو بالواقع صحيح، أم لأجل الصدام معهم واستفزاز الرأي العام؟
بعد عشرة أو ثلاثين فيلمًا يتحدثون عن الخطأ بأنه صواب، حينها أستطيع التأكيد بأن الخطأ سيكون صوابًا بالنهاية. أمريكا لم تكن تضع في السينما الشاذين عن الفطرة السليمة، ثم بعد ذلك وضعتهم على استحياء لسنوات... ثم بعد ذلك بفيلم وعشرة ومئة أصبح الأمر عاديًا ومقبولًا، ولا بأس إن لم يكونوا المحور الأساسي في القصة، المهم أن يكونوا موجودين.
على قدر حبي الشديد للسينما، إلا أنها تحمل الأجندات والأفكار التي تمرر في الخلفية، وهي أمر يستحق النقاش، والوعي، والدراية. السينما هي وسيط بصري جميل في لغته وعالمه وله تأثير على عواطف الإنسان. يقول عالم النفس الألماني سيرج تشاخوتين إن ما يقارب التسعين في المئة من المشاهدين لفيلم يمكن أن يتم التحكم بعقولهم وردات فعلهم تجاه أمر معين أو رسالة ما، وفقط عشرة بالمئة هم من لا يستسلمون لتلك الشعارات الظاهرة في الأفلام، حيث يستمرون بطرح الأسئلة على أنفسهم ويقيمون ما يقدم لهم الفيلم أو العمل.
في فيلم “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” لا يحكم المشاهد فيما إذا كانت هذه الحرب صحيحة أم خاطئة، أم أن الطرف الآخر إنسان هو الآخر ولا يجوز أن تزهق روحه، بل يركز على أن ينجو البطل مع قتل أكبر قدر ممكن من الأعداء. فهذا ما يحرص عليه المشاهدون، ولذلك السينما سلاح قوي في تمرير الرسائل، سواء أكانت عقدية، مجتمعية، سياسية، أو غيرها.. وللحديث بقية في مقال آخر.