كرة قدم بلا أساطير
مع قرب اعتزال، الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالد، نوشك أن نودع حقبة الأساطير في عالم كرة القدم، الحقبة التي كانت ذروتها في التسعينيات، ومطلع الألفية، قبل أن يتراجع مستوى اللاعبين مع ظهور خطط كرة القدم الحديثة التي تعتمد على الجماعية أكثر من الفردية.
عاشت كرة القدم، مجدها الفردي في التسعينيات، عندما كان لاعبًا واحدًا يساوي فريقًا بأكمله، مارادونا في الأرجنتين بلاتيني في فرنسا، فالديراما في كولمبيا، إنزو فرانسيسكولي في الأورجواي، وسانتوس في المكسيك، ومولر في ألمانيا، وخوليت في هولندا، وجورجي هاجي في رومانيا، وقبلهم بكنباور، بيليه، كوريف، زيكو، أوزيبو، دي ستيفانو، والأسطورة المطلقة بيليه،. لاعبون كانوا يقودون فرقهم، ويحققون كل شيء، مستوى من اللعبة لم يعد متوفرًا حاليًا، وبعد رحيل القطبين، لن تلد كرة القدم آخرين، لأنه ببساطة عالم كرة القدم لم يعد له مجال للمبدعين، خوض أكثر من 60 مباراة في الموسم الواحد لا يترك أي مجال للاعب لأن يلتقط أنفاسه، ناهيك عن الضغوط النفسية والبدنية والمعنوية، والتشيع من المال الوفير الذي بات هدف معظم اللاعبين، لا الاستمتاع بكرة القدم.
كرة القدم، تهتم الآن بالمال أكثر من الموهبة، الكل يشتكي، بيب، أنشلوتي، جيسيوس، ولكن لا أحد يستمع، الإصابات والإرهاق تحرق النجوم، ناهيك عن خطط المدربين التي تحد من موهبة اللاعب، وتصر على أن تكون كرة القدم لعبة جماعية، يؤدي فيها اللاعب أدوار دفاعية وهجومية، حتى ولو كان نجم الفريق الأول.
حسنًا، يوجد لاعبين جيدين، ومواهب تستحق الاهتمام، فينيسوس، لاما، رودي، أمبابي، بيلندجهام، غير أنهم لا يصلون ولا حتى لربع ما كان عليه الأساطير في التسعينيات، والألفية، لا يمكن مقارنة إمبابي بزيدان ولا بيلندجهام ببيكهام، ناهيك عن بوب تشارلتون، لامال موهبة لا شك، ولكن ميسي؟ رباه، لا مقارنة على الإطلاق، حتى ولو كان في الـ16 من عمره.
ميسي كان قادرًا لوحده أن ينتشل الفريق من الحظيظ لقمة العطاء، ليس مجرد تسجيل الأهداف، هذا هو الفرق بين خوليت وفان باستن مثلًا كلاهما أيقونة في عالم كرة القدم لكن خوليت يتحكم في رتم الفريق، بينما باستن يستغل ذلك لتسجيل الأهداف.
ليس غريبًا أن يكون معظم أساطير كرة القدم، من لاعبي الوسط، لأنهم من يتحكم في رتم الفريق، ولديهم القدرة على تحويل كفة المباراة، المهاجم يسجل متى ما توفر له لاعب وسط قادر على إيصال الكرة الجيدة له، في كل مباراة قد يسجل المهاجم كرة أو كرتين، لكن لاعب الوسط المميز يمرر له خمس أو ست فرص ذهبية في المباراة، معظمها لا ينتبه له أحد أن لن تصل الكرة في نهاية المطاف للشباك.
كرة القدم موعودة بمواسم محبطة، طالما أن الاتحادات القارية، تصر على زيادة المباريات والضغط على اللاعبين، وتعاملهم كأنهم آلات، لا بشر.
قد تمر عقود قبل أن نرى ميسي أو زيدان، أو رونالدو آخر، وقد لا نرى.