التجربة البريطانية
قبل سنتين قام وفد من مجلس الشورى السعودي بزيارة إلى بريطانيا بدعوة من البرلمان البريطاني، وخلال تلك الزيارة كنت حريصًا على الالتقاء باللجنة الأولمبية البريطانية، لأن لديها تجربة فريدة وتستحق التأمل.
وخلال اللقاء أطلعتنا اللجنة على استراتيجية عظيمة، مربوطة بخطة عمل دقيقة، نفذتها بكل كفاءة، مما قفز بعدد الميداليات المحقق بشكل غير مسبوق.
فبعد الخيبة البريطانية في أولمبياد أتلانتا 1996، وحصولها على أسوأ مركز في تاريخ مشاركاتها، وبميدالية ذهبية واحدة، أحست اللجنة بالحاجة لعمل استثنائي يعيد بريطانيا للمنافسة على المراكز الأولى.
بدأت الاستراتيجية، كما عرضت لنا اللجنة، بتشكيل لجنة قامت على أساس أن ما حصل كارثة، وأن العمل يجب أن يكون فنيًا وفكريًا وماليًا.
في البداية استطاع الفريق الحصول على التمويل الكافي بمبلغ وقدره 60 مليون جنيه إسترليني، هذا ساعد بشكل واضح على دعم العمل الفني / الفكري، والذي ارتكز على دعم ألعاب تمتلك بريطانيا ميزة نوعية فيها، وتستطيع المنافسة فيها أولمبيًا، ومن أهمها الدراجات والتجديف بكل أنواعه، بالإضافة لسباقات القوارب الشراعية.
تحديد المسابقات منح بريطانيا 11 ميدالية ذهبية في سيدني 2000، أي بعد 3 سنوات من تطبيق الاستراتيجية، حيث حصلت على 3 ذهبيات في القوارب الشراعية، وذهبيتين في التجديف، وميدالية في الدراجات، وأخرى في الرماية، وأربع ميداليات في ثلاث ألعاب متفرقة.
في أثينا 2004 واصلت بريطانيا تحقيق الميداليات الذهبية في التجديف والقوارب الشراعية والدراجات، ولكن القفزة الأكبر كانت في بكين 2008 عندما حققت 8 ذهبيات في الدراجات، وأربع ذهبيات في القوارب الشراعية، وذهبيتين في التجديف، لتصل للمركز الرابع بـ 19 ذهبية. وفي لندن 2012 حصلت بريطانيا على 29 ذهبية، منها 13 في التجديف والقوارب الشراعية والدراجات.
ما جعل بريطانيا تعدل مسارها وتقفز من المركز 36 إلى 3 في الأولمبياد، أنها وضعت أهدافًا واضحة تريد تحقيقها، وحددت بدقة الرياضات التي ستحقق تلك الأهداف، وكانت دائمًا تراجع استراتيجيتها وتعدل عليها حسب الوضع على الأرض.
من السهل وضع أهدف يمكن تحقيقها في أولمبياد 2028 و2032 ولكن من الصعب وضع خطة عمل مفصلة لتحقيق تلك الأهداف.