ترند ولكن!
إذا قال لك مشهور إنه لا يحب الشهرة فغالبًا أنه ليس دقيقًا في نقل كامل رأيه، هناك على الأرجح جزء منه يحب الشهرة ويتمنى بقاءها إلى الأبد، حتى أن بعض المشاهير يرضون بالظهور الأقل من إمكانياتهم ومكانتهم الحقيقية، لأن ظهورهم سيزيد من ضياء نجوميتهم، ويبقيهم في دائرة الضوء. مع زحمة السوشال ميديا كثر عدد المشاهير، بعضهم أجمل ما قدمته لنا السوشال ميديا، والبعض الآخر أسوأ ما قدمته. الشهرة المحمودة والشهرة السيئة موجودتان منذ الأزمنة القديمة، لكنها كانتا محصورتين في البلدان والأقاليم، أما اليوم فالمشهور على السوشال ميديا في أمريكا مشهور في بلجيكا، والمشهور في إيطاليا مشهور في الأرجنتين. السوشال ميديا غيرت معادلة الشهرة، ونقلتها من كلاسيكيتها التلفزيونية والإذاعية والورقية إلى وسيلة تضعها في جيبك وتستخدمها متى ما أردت، لكن الشهرة المحمودة نفسها ليست سهلة كما يعتقد البعض، حتى مع كثافة السوشال ميديا، لأنها تحتاج إلى محتوى جيد على الأقل، أما للحصول على الشهرة السيئة فهي أسهل بكثير، صادفت على السوشال ميديًا شابًا مشهورًا لا يفعل شيئًا سوى الرقص اليومي، ولاحظت أن العديد من أصحاب الحسابات يسعون للشهرة لأن السوشال ميديا تحقق مداخيل مادية، لكنهم يحتاجون إلى نجاح يوصلهم لهذا المال، وهذا السعي أفرز الكثير من المحاولات الغريبة للحصول على «الترند»، آخرها ما قرأته عن شاب في إحدى الدول العربية، خطط الشاب على عملية اختطاف لنفسه في يوم زفافه، والمؤسف أن عائلته كانوا على علم بالتمثيلية المصورة، بل شاركوا بالركض خلف السيارة التي اختطفته، كانت إحدى قريباته التي قاربت الخمسين من عمرها تركض خلف السيارة!، الشرطة بحثت في عملية الاختطاف واكتشفت أن العريس أراد تصوير اختطافه لتحقيق الشهرة، وبالتالي كسب المال. شكل آخر من السعي وراء الشهرة جاء من خلال مقالب الأصدقاء مع بعضهم بعضًا، أغلبها مشاهد مفبركة مثل العديد من فبركات الكاميرات الخفية العربية. في مقالب الأصدقاء يظهر شبابٌ في عمر الورد وهم في مشاهد لا تليق بهم كشباب محترمين، وليست نموذجًا محترمًا حتى للكوميديا والمزاح. لم تكن المشاهدات العالية دليلًا ثابتًا على قيمة المحتوى العالية، بدليل أن نصف المشاهدات العالية تحققها مقاطع لا قيمة لها ولا موهبة فيها. شيء ثابت تعلمته في الحياة، وهو أن كل ما هو جيد له مقابل، والعمل الممتاز يحتاج إلى جهد وإخلاص، لكنه ينصفك ويضعك في إطار محترم، أما العمل الضعيف فلا أثر يبقى له.