إعلامي للبيع
أبيع نفسي لأول مشترٍٍ آتِ
أبيع مقهورًا حبيباتي كلماتي
فليسقط الشعر ولتنهار أبياتي
فالشعر شعري.. والمأساة مأساتي.
وأنا أفكر في كتابة هذا المقال لا أدري ما الذي جاء بهذه الأبيات في مخيلتي؟ هذه الأبيات الشهيرة من فيلم «مرجان أحمد مرجان» تلك الشخصية التي جسدها الزعيم عادل إمام بإبداع كعادته، وهي الشخصية الثرية التي تريد شراء كل شيء حتى الناس وضمائرهم، مستغلةً بذلك شخصيات هشة منزوعة المبادئ، شخصيات لم تأخذ حقها من التربية الصحيحة فكان أمرًا عاديًا بالنسبة لها أن تبيع نفسها من أجل حفنة دولارات أو ريالات أو عقارات أو غيرها، حسب حجم ونوع البيعة من الذمة والضمير. في عالم الشعر نسمع دومًا عن بيع القصائد وأن فلانا أصبح شاعرًا بشرائه للقصائد خاصةً المغناة منها، لأنها تأتي بشهرة ومكانةٍ أكبر للمشتري وتأتي بمال أكثر للبائع!. وأنا في مقالي هذا لم أرد التطرق إلى هذا النوع من البيع ولكني شعرت بأنه كان لا بد أن أمُر عليه مرور الكرام. انتقل من بيع الإنسان لفكره ببيع كلماته التي قد لا تصيب أحدًا بالضرر غير المذلة لصاحبها إلى ذلك الإعلامي الذي على أتم الاستعداد لبيع نفسه بكل ما فيها ضاربًا بالأخلاقيات عرض الحائط وكل همه الحصول على رضا «مرجان» فيقوم بتشويه صورة المحترمين وتلميع السيئين والتقليل من كيان وإعلاء آخر وهكذا وكله مسبق الدفع مع إمكانية الدفع بعد الخدمة!. هؤلاء موجودون في كل أنحاء العالم وهم منتشرون أكثر في الأوساط الرياضية والفنية والسياسية. فمنهم الغالي ومنهم الرخيص سعرًا فمنهم من يبيع بتسديد فاتورة جوال أو مرافقة لرحلة سفر أو حتى عشوة!، ومنهم من نجح في رفع سعره الذي قد يصل إلى السيارات الفارهة أو عقار محلي أو خارجي. الغريب أنك لو أردت تقديم النصح لهؤلاء سيُشعرك بأنك أنت الذي بحاجة إلى نصيحة وأنت الذي على خطأ وهو على صواب خاتمًا قوله لك: «روح يا أبو مبادئ خلي مبادئك تنفعك وتشتري لك اللي تبي أنت و أهلك»!. تذهب وأنت في حالة ذهول قد تصل بك إلى حالة الشك في نفسك خاصةً إذا رأيت هؤلاء يتصدرون المشاهد ويرفضون البيع «غائبون أو مُغيبون»!.
وهنا لا بد أن نشيد ونشكر كل الإعلاميين في كل أنحاء العالم الذين لا زالوا قابضين على الجمرة، الذين اشتروا أنفسهم برفضهم بيعها قانعين بالقليل من المال ولكن بالكثير من العزة والكرامة والشموخ، عيونهم ليست مكسورة يقفون الند بالند أمام أي أحد، متمسكون بكل المعاني الجميلة التي يعتبرها البعض للأسف بأنها لا تواكب هذا العصر!.
أختم بتشبيه بليغ ذكره أحد المحترمين بقوله: «هؤلاء كالراقصة في الملهى فهي ترقص لمن ينقِّط عليها أكثر».