سعوديون لا يعرفون وطنهم
يزداد عدد الأجانب في الرياضة السعودية باضطراد، ووجد أوروبيون كثر مكانًا لهم في كل حجر وزاوية، وجاؤوا بثقافاتهم بما استطاعوا. بعضهم استعصى عليه المزاوجة بين ثقافتين، والبعض الآخر اندمج وانصهر، ومع ذلك قد يبقى في خفايا بعضهم شعور التفوق والمركزية الأوروبية.
فلنقف هنا عند تصريحين غريبين، الأول: حينما نشبت مشكلة مانشيني مع لاعبي المنتخب السعودي في كأس آسيا الماضي، وقال عنهم: «.. المنتخب الوطني ليس ناديًا بل هو ممثل الوطن والشعب، عليك أن تكون سعيدًا بوجودك ضمن تلك المجموعة، هذا وضع غريب أراه لأول مرة في حياتي».
هل هذا رجل رشيد؟ مانشيني المستقيل من تمثيل منتخب وطنه يستمرئ بإعطاء السعوديين درسًا في الوطنية! نعم، هو نفسه الذي قال عنه رئيس تحرير لاجازيتا الإيطالية ستيفانو باريجيلي حينما استجاب المدرب لعرض الأخضر المالي: «لا يوجد مبلغ يستحق ثقة ملايين الإيطاليين. تدريب المنتخب الوطني قبل الوظيفة هو التزام ومسؤولية وشرف».
أما استعراض الوطنية الثاني فجديد، ألم تقرأ حوار هيرفي رينارد الخميس الماضي في «الرياضية» حيث قال: «.. كان التحدي الأكبر الذي واجهته مع المنتخب السعودي هو التشديد على اللاعبين بأهمية الفخر بعلَمهم، وأن يعدوا اللعب لبلدهم شرفًا لهم..».
نعم إنه رينارد الذي اعتاد تدريب مزدوجي الجنسية أو من هجروا أوطانهم يذكّر السعوديين بوطنهم، بل يصف عمله هذا أمام الملأ بأنه ليس عملًا عابرًا بل بالتحدي الأكبر له في تعامله مع اللاعب السعودي. نعم، إنه الرجل ذاته الذي ترك منتخب هذا البلد مستقيلًا!
لا أرجح أن هذين التصريحين مصادفة، بل استشعار منهما بالأستاذية حينًا والتفوق الثقافي في أحيان أخرى. هنا مكمن الفضول، كيف نمت إليهما هذه الوصاية المتشابهة، لاسيما وأن العامل المشترك بينهما أنهما أوروبيان يتعاملان مع الاتحاد السعودي لكرة القدم.
بات من الضروري تجنب قبول شكله الاتصالي الآتي من الأعلى إلى الأسفل، بل ليكن اتصالًا يتساوى فيه طرفاه وتجمعهما علاقة تعاقدية على أسس مهنية.
إلى اتحاد اللعبة وكافة الأندية وزملاء الإعلام: امنعوا الأوروبي بحصافتكم من الاستعلاء.