هل منتخبنا يتقدم فعلًا ؟
بعد كل الضجيج الذي أعقب مباراة المنتخب ضد اليابان، وحق الجميع في توجيه النقد لمنتخب الوطن، سواء كان للاعبين أو للمدرب أو حتى لإدارة الاتحاد، يبدو أن هناك اتفاقًا عامًا على أننا في حالة تراجع. هذا التراجع لا يتوقف عند ترتيبنا السنوي في تصنيف «فيفا»، بل يمتد ليشمل العديد من الجوانب. نحن متراجعون في اكتشاف وصقل مواهب كرة القدم، وفي مستوى أداء اللاعبين اللياقي، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الفني الذي نعاني منه مع المدرب «مانشيني»، واستراتيجية اتحاد القدم الإدارية التي تفتقر إلى وضوح الرؤية والتخطيط.
فأما الترتيب، فإصلاحه لا يبدو أمرًا صعبًا، خصوصًا أن لدينا خبرة طويلة في تحسينه ببضع مراكز من خلال استراتيجية اللعب في مباريات ودية دولية مع منتخبات ليست قوية فنيًا ولكنها أعلى منا في الترتيب. لدينا تجربة واسعة في هذا الجانب، حيث سبق أن خضنا وديات ضد منتخبات مثل جامايكا، باراجواي، ومالي وغيرهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المباريات الآسيوية مع المنتخبات التي لا تنتمي إلى الخمسة الكبار ليست بالمهمة الصعبة، مما يمنحنا فرصة جيدة لتحقيق نتائج إيجابية وتحسين تصنيفنا بشكل سريع ولو بضع مراكز نتجاوز لندخل في قائمة الخمسين.
وأما المدرب فأنا على يقين بأن «مانشيني» يعيش أيامه الأخيرة مع المنتخب، خاصة في ظل غياب الاستقرار الفني وعدم قدرته على رسم مسار واضح للأخضر، لا توجد خطة مستقرة ولا طريقة لعب محددة أو واضحة، سواء كان ذلك في الكرات العرضية، التمريرات القصيرة، أو حتى السيطرة على مجريات اللعب. في رأيي فإن «مانشيني» من نوعية المدربين الذين ينجحون مع اللاعبين الجاهزين فنيًا ولياقيًا، وهم النوع الذي يتطلب مستوى عالٍ من الكفاءة، ولو أخذناها من الجانب المحلي فهو سينجح مع الهلال مثلًا، لكنه لن يحقق تقدمًا مع الاتفاق أو الشباب، وعلى النقيض.. فإن لاعبي المنتخب يعانون من نقص في الأداء الفني العالي، سواء كان ذلك على مستوى الموهبة أو اللياقة، وهذا ما يجعل التحدي أصعب أمام مدرب مثل «مانشيني»، لكنه سيولد تحديًا لمدربين أقل شهرة وقدرة فنية مثلًا «رينارد».
لذا، وفي رأيي، أن الأهم في المرحلة الحالية هو الاستثمار في اللاعب السعودي، فلا يعقل أن يخوض الحارس الأساسي للمنتخب مباراته الدولية الخامسة في مواجهة قوية مثل مباراة اليابان، وأن يكون صانع اللعب الأساسي الذي تعوّل عليه في صنع الأهداف قد لعب 6 مباريات دولية فقط وربما 10 مباريات محلية كأساسي خلال عامين، وأن محور الارتكاز قد غاب عن المشاركة المستمرة لعامين ولم يلعب إلا 6 مباريات فقط. والأسوأ من ذلك، أن المهاجم البديل الذي تعتمد عليه لإنقاذك في الدقائق الأخيرة قد تم إبعاده من 3 أندية محلية لعدم كفاءته الفنية - من وجهة نظرها - .
علينا أن نختار في نهاية الأمر: هل نريد دوريًا قويًا من الناحية الفنية والتسويقية والجماهيرية، أم نريد منتخبًا قويًا ينافس ويتصدر ويفوز؟ هذه الثنائية تأخذنا إلى نقطة الصفر، وهي استراتيجية اتحاد القدم، وما الذي يريده فعلًا: هل التركيز على دوري مزدهر، أم منتخب يحقق الانتصارات على المستوى القاري والعالمي؟