«حتى لا يطير دخان الممثلين»
نجح صُنَّاع المسلسل السعودي «هزَّاع» في تقديم فكرةٍ جديدةٍ ورائعةٍ، كُتِبت بتفانٍ وحبٍّ على الورق، وأُخرِجت بشكلٍ جيدٍ على الشاشة، وتألَّق بطله النجم خالد صقر في تقديم دور البطولة بعد انفصاله في الشاشة عن زوجته النجمة إلهام علي، اللذين للتو قدَّما «شارع الأعشى»، رمضان الماضي..
تابعت «هزَّاع»، فوجدته شخصيةً، يجذبك بعفويته، وسذاجته، وجرأته، وقد جسَّدها صقر بكل احترافيةٍ، لكنْ المزعجُ كان كثرة تعاطي ممثِّليه التدخين، وظهورهم بالسجائر والشيشة في مشاهدَ عدة على الرغم من أنها لا ترتبط بعلاقةٍ بسياق الدراما! وقد نعذر المخرج لو كان مَن تولَّى إخراج الفيلم المصري «حتى لا يطير الدخان» للنجم عادل إمام، وكانت قصته حينها تتمحور حول الحشيش وأضراره، فكان لابد أن تظهر مشاهدُ لتدخين الحشيش للمعالجة الدرامية، لكنْ أن يشرب البطل خالد صقر سيجاره من ثم يبدأ في عراكٍ مع ثلاثة طلابٍ شبابٍ، فأين الرابط؟! هل التدخين يمنح القوة، أو يرفع معدل اللياقة؟!
لصُنَّاع مسلسل «هزَّاع»، وبعض الأعمال السعودية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، وجعلت تدخين الممثلين ركيزةً فيها من باب تقليد أبطال هوليوود فقط، ألا تعلمون أن هناك إحصاءاتٍ ودراساتٍ علميةً عدة تبيِّن تأثُّر الأطفال والمراهقين بهؤلاء النجوم، وأن أسهل طريقةٍ لتقليدهم هو من باب التدخين، بالتالي تضاعف فرصة تعاطيهم التدخين؟!
وكشفت دراسةٌ أخرى عن أن مشاهدة شخصٍ، يُشعِل سيجارةً في فيلمٍ، يحث عقل المدخَّن على القيام بالحركة نفسها، وأوضحت أن المدخنين الذين يشاهدون فيلمًا، يحتوي على مشاهد لمدخنين، يشعرون برغبةٍ في إشعال سيجارةٍ بمجرد مغادرتهم السينما.
وأشارت دراسة أيضًا إلى أن أربعةً من أصل عشرة مراهقين مدخنين، قالوا إنهم بدؤوا التدخين بعد أن شاهدوا ذلك في التلفاز. وتستمر الدراسات لتكشف عن أن فرص بدء الطفل في التدخين، تتضاعف ثلاث مراتٍ في حال مشاهدته ممثلًا مشهورًا، يقوم بذلك لتأثيره النفسي الكبير فيه..
مسارُ رائعٌ، تتبعه السينما السعودية، وكذلك المسلسلات في الاستعانة بالمخرجين الأجانب، وتعريب القصص، فذلك أحدث نقلةً كبيرةً لدينا، لكنْ يجب ألَّا نقول نعم لهؤلاء الصنَّاع في كل شيءٍ، وعندما يُطلب من الممثل أن يقوم بالتدخين، يجب عليه أن يرفض من باب المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإن لم يكن لدى هذا الممثل رقابةٌ ذاتيةٌ عاليةٌ، فالأمر يتطلَّب تدخل الجهات ذات العلاقة مثل الهيئة العامة للأفلام، أو هيئة تنظيم الإعلام، أو غيرهما لمنع الترويج للتدخين من خلال نجومنا السعوديين في أعمالٍ مهمةٍ، إذ يعكرون صفوها ونجاحها بدخانٍ لا فائدة منه، وضررٍ أكثر من نفعه..