2017-04-24 | 04:56 الكرة العالمية

برشلونة.. قلعة من التاريخ والجمال يتجاوز حدود كرة القدم

متعب العبدالهادي
مشاركة الخبر      

في طريقي إلى مقر نادي برشلونة الإسباني، كنت أندب الحظ، وأقول: "يا لسوء حظي، اليوم الذي نجحت في حجز موعد لزيارة النادي العريق، يكون صبيحة خروج الفريق الساحر من دوري الأبطال على يد يوفنتوس الإيطالي".
مقر نادي برشلونة الإسباني، ليس مقر نادٍ رياضي فقط، بل واحد من المعالم السياحية في إقليم كاتالونيا كله، وليس مدينة برشلونة فقط.
وصلت إلى مقر النادي، والظنون السيئة تحاصرني، "البارحة خسروا، مؤكد أن النفسيات سيئة، وسأحظى بزيارة كئيبة"، كانت كل ظنوني مربوطة بمعرفتي المسبقة بالأندية السعودية والعربية التي تتحول إلى ما يشبه المقابر عند الخسارة.
المفاجأة.. أن طوابير من العاملين كانوا في استقبال وفود السياح، الابتسامات تعلو الوجوه، الروح الاحترافية تدير العمل، والوعي بأهمية الموقف والزائرين.. وبدأت الزيارة:

عدد الزوار
عند التوجه للملعب لم نكن نتوقع أن يكون الحضور كبيراً، بسبب أن البرشا ودع دوري أبطال أوروبا، إلا أن المفاجأة كانت فيما شاهدناه من خلال طابور طويل جداً، يفرض الانتظار نصف ساعة على أي قادم ليصل إلى دوره في عبور بوابة الزوار.
يتم السماح لمجموعة صغيرة بالدخول بالتزامن مع بعضها كفريق واحد، وتكون منطقة المكس زون نقطة الانطلاق، تليها قاعة المؤتمرات الصحفية، وبعدها يتم الاتتقال إلى غرفة تبديل الملابس، ثم ممر دخول اللاعبين للملعب، وبعد ذلك الدخول للملعب والسماح فقط بالوجود في مضمار الملعب وتحديداً بالمنطقة بين دكتي الفريقين، وبعد ذلك يتم التوجه إلى متحف النادي، وتنتهي الزيارة في متجر النادي، ويقدر عدد زوّار المنشأة للاطلاع عليها وأخذ جولة فيها، بأكثر من مليوني زائر سنوياً، وتقدر قيمة التذكرة بما يقارب الـ150 ريالاً، وتبدأ زيارة الملعب يومياً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساء.

نونيز
قاعة كبيرة غير متوازية الأضلاع، مكتوب على مدخلها اسم "نونيز"، ونونيز في تاريخ برشلونة هو الرئيس السابق خوسيه لويس نونيز، لم تكن تلك القاعة إلا متحفاً يضم كل تاريخ النادي الإسباني العريق.
في متحف برشلونة اهتم الإسبان بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، تجد جميع البطولات التي حصل عليها الفريق وإن كان عمرها أكثر من مئة سنة، وابتكروا طرقاً جذابة لعرض الصور، يمنحها جاذبية أفضل، إضافة إلى مقاطع الفيديو.
تصل مساحة المتحف إلى ٣٥٠٠ متر مربع، ولا يضم المتحف بطولات فريق كرة القدم فحسب، بل يشمل جميع الألعاب الأخرى، والجميل في المتحف التعريف بجميع الأمور المتعلقة سواء بكأس أو حدث معين، ومن ضمن التفاصيل التي حرص المتحف على توفيرها أول قميص للفريق، وكذلك أول كرة وغيرها من الأمور النادرة.
بطولات فريق كرة القدم تم ترتيبها، ووضعت منصات خاصة لبطولات دوري أبطال أوروبا، ومنصات أخرى لكأس الكؤوس الأوروبية.

"كورنر" ميسي
في متحف النادي خصصت إدارة المتحف جزءاً خاصاً للمهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، واستعرضت من خلالها الجوائز الشخصية التي حصل عليها في إشارة إلى الاهتمام والحب الكبير من قبل الإدارة والجمهور للنجم الأرجنتيني.


المتجر
إلى جوار المتحف، مبنى آخر بثلاثة طوابق، على مساحة ألفي متر، يجتذب العائلات بالدرجة الأولى، لما يضمه من بضائع وتذكارات من شأنها توثيق زيارة أي إنسان يحب برشلونة أو قادته قدماه للمرور من هناك.
في المتجر آلاف من النساء والأطفال والرجال، يتسابقون على شراء التذكارات الخاصة بالنادي العظيم، كل شيء تحت هذا السقف هو برشلوني لا شيء آخر، كل شيء من مستلزمات المكاتب للسيارات، للقمصان والملابس، كل ما يتم ارتداؤه مختوماً بشعار النادي الكاتالوني الكبير. ومرة أخرى، عليك أن تقف في طوابير طويلة حتى تصل إلى المحاسبين عند شراء أي شيء من المتجر.


المقاهي
عند الدخول إلى الكامب نو من البوابات الخارجية تجد أمامك صوراً عملاقة لغالبية نجوم الفريق، والأجمل فيها أنها صور حديثة جداً، بل إن إحداها كانت خاصة بمواجهة الفريق التاريخية أمام باريس سان جرمان و"الريمونتادا الشهيرة"، وكذلك فإن الساحات الكبيرة قبل الدخول للمدرجات استغلت بشكل مثالي جدا بوجود عدد كبير من المطاعم والمقاهي، إضافة إلى ساحات للعب كرة القدم بين الأطفال، وتشعر أن الوجود في هذا المكان بحد ذاته ترفيهاً للعائلة، ولا يقتصر هذا الوجود الكبير والمطاعم والمقاهي على أوقات المباريات، بل هي متوافرة من الصباح وحتى غروب الشمس، والأجمل أن المطاعم هناك تصنف من المطاعم الراقية سواء بأكلها أو مستوى النظافة العالي جداً.


السماعات والتصوير
ضمن الاهتمامات بالجمهور، وفرت إدارة الملعب منصة خاصة بإمكانك من خلالها سماع أصوات الجمهور في الكامب نو، حيث وفرت عدداً كبيراً من السماعات وخلفية فيها صورة للكامب نو وهو ممتلئ وكانت بالفعل تجربة جميلة جدا وكأنك في أرضية الملعب.

التفاصيل
اهتمت إدارة الكامب نو بجميع التفاصيل الدقيقة، ففي كل ممر داخل الملعب وعند غرف إدارته تم استغلالها بشكل دقيق من خلال وضع صور للاعبين وتغييرها كل فترة دعماً لهذا اللاعب، بالإضافة إلى أنك في الكامب نو لن تضيع أبداً، فالطاقم المساعد سواء في المباراة أو من خلال الزيارة يفوق الوصف من خلال العدد والدقة بالعمل وهو ما يعطي أريحية للجماهير البرشلونية.

ممر اللاعبين
بعد خروج الفريق الضيف من غرفة الملابس الخاصة به فإنه مجبر على مشاهدة صور البطولات الأوروبية الخمس التي حصل عليها برشلونة، حيث تم وضع الصور بشكل كبير جداً وعند الوصول إلى الممر المؤدي للملعب فجميع الألوان مختصة فقط بألوان برشلونة.

غرف الملابس
في غرف الملابس الخاصة باللاعبين توجد شاشات تلفزيونية بعدد يفوق العشر شاشات يتم من خلالها استعراض صور وفيديو تحفيزي للاعبين، وفي غرفة الفريق الضيف يتم عرض صور لاعبي الفريق نفسه.

البطولات الأوروبية
اهتمت إدارة الملعب كثيراً بالبطولات الأوروبية وخاصة دوري أبطال أوروبا والذي كان عقدة للفريق وحصل عليه سنة ١٩٩٢ من خلال نشر صور البطولات الخمس في كافة أرجاء وممرات الملعب، بالإضافة إلى تخصيص أماكن خاصة في المتحف للبطولات الخمس، ونشر تفاصيلها بشكل دقيق جداً.


الشعار
طبعت إدارة الملعب شعار برشلونة بشكل كبير وبنظام النقش على أرضية الكامب نو، بمجرد الدخول لأرضية الملعب ما أعطى الملعب جمالية كبيرة جداً.

التصوير
قبل الدخول إلى المتحف وفي أسلوب تسويقي جميل هناك عدد كبير من منافذ التصوير الشخصي يصل عددها إلى ١٥ منفذاً تقريباً، يتم من خلالها أخذ صورة شخصية لك بعدة أوضاع تفاعلية وتوضع عليها فيما بعد صور للاعبين، وكذلك صور وأنت في أرضية الملعب وبعد نهاية الزيارة تمنح لك في كتاب فاخر بقيمة ٢٠٠ ريال تقريباً.


النادي
تأسس فريق برشلونة منذ أكثر من ١٠٠ سنة وتحديداً سنة ١٨٩٩ عندما وضع السويسري خوان جامبر إعلاناً يطلب من خلاله مساعدته في تأسيس فريق لكرة القدم، فاستجاب عدد من اللاعبين القدامى من جنسيات مختلفة وأسس بعد ذلك النادي واختير من خلالها السويسري والتر وايلد ليكون أول رئيس للبارشا كم يحب مشجعوه أن يطلقوا عليه.

الملعب
منشأة الكامب نو بدأ العمل فيها منذ سنة ١٩٥٤، وتم الانتهاء والتدشين سنة ١٩٥٧ ويقدر عمر الملعب بنحو ٦٠ سنة، شهد من خلالها العديد من التحسينات والإضافات، ويعد ملعب الكامب نو الأكبر في القارة الأوروبية، حيث يقدر عدد مقاعده بما يقارب المئة ألف مقعد حاليا، بعد زيادة عدد مقاعده عن وقت الافتتاح والذي كان بنحو ٧٥ ألف مقعد، ولم يتوقف العمل في المنشأة حيث قرر مسيرو النادي إجراء تغييرات كبيرة في الملعب خلال السنوات المقبلة، سيتم من خلالها تعديل شكل الملعب من الخارج وتغطية مدرجات الملعب بالكامل وإضافة نحو خمسة آلاف مقعد إضافي واستغلال كل جزء في الملعب وستكلف التحسينات قرابة المليار ريال سعودي.

سبب التسمية
كان للبرشا ملعبان قبل الكامب نو، الأول يسمى كامب ديل لا إندوستريا، والآخر كامب دي ليس كورتس، وعند الانتهاء من بناء الملعب الحالي كانت الجماهير البرشلونية تسأل عن مكان إقامة المباراة فتأتيها الإجابة بالملعب الجديد، وهو ترجمة كلمة الكامب نو، حتى انتشر هذا الاسم، فقرر النادي الاستمرار على هذا الاسم بعد التصويت عليه من قبل أعضاء النادي بريدياً ليكون حالياً واحداً من أشهر ملاعب العالم.