2018-03-09 | 03:42 مقالات

أنتم وهتلر وحديب

مشاركة الخبر      

كلما سمعت صحفيًّا يقلل من شأن الصحافة، أو يتهكم عليها، أو ينتقصها ويستهتر بها، ويهزأ ويسخر ويحط من قدرها تذكرت هتلر.. أتذكره متحسرًا.. ولو مات على الإسلام لترحمت عليه في اليوم والليلة ألف مرة.. ورحم الله أمواتنا وأموات المسلمين أجمعين.



سئل الزعيم النازي الذي قتل من البشر ما الله به عليم، عن أحقر الناس، فقال إنهم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم.. وبصيغة أخرى وطرق مختلفة، وأوجه حمالة، يتشابه الذين ساعدوا هتلر مع الصحفيين الشتامين لصاحبة الجلالة، كما تتشابه أوجه الصينيين والكوريين والفلبينيين..



عندما يخرج صحفي أمام الله وخلقه ويقلل من الصحافة؛ فحالته لا تخرج عن احتمالين: إما أن يكون صحفيًّا فاشلًا وضيعًا لم يستطع أن ينجح فيها، فكان لزامًا عليه وعليها أن يشتمها ويكرهها ويطيل في هجائها؛ حتى يخيل لك ولها أنه حطيئة هذا الزمان.. ألسنة الناس معقودة بقلوبهم.. والقلوب شواهد.. أو أنه أراد القول لمن حوله وحولنا، إنه شخص عصري ومتطور ويسبق الأيام بثلاث وثلاثين خطوة؛ فتويتر وسناب شات وفيس بوك كلها جاء بها الأمريكان إلى العالم؛ من أجله ومن أجل أمثاله النهضويين والتنويريين.. نعم تراجعت الصحافة.. بالتأكيد لم تعد كما كانت.. لا جدال أنها ما عادت بكل تلك القوة والسطوة والمتانة.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.. هذا وجوقته أخذوا من الصحافة الصفة الإعلامية.. أخذوا منها مفتاح الباب الكبير، ثم رموا المفتاح في البئر.. اقتحموا التلفزيون من على جسر الصحافة، وعندما أناخوا بين الشاشات وصاروا مثل الشيف رمزي وزمرته، يتنقلون من قناة إلى أخرى، عارضين نفس الطبخات ونفس المقادير ونفس الأكلات التي تصيب بالتخمة والضغط والسكري قالوا إن الصحافة ما هي إلا أساطير الأولين.. ليس عارًا ولا عيبًا ولا جريمة أن تقول إن الصحافة انتهت وماتت ولم يتبقَّ لها إلا مراسم الدفن والعزاء.. هذا كلام ملقى على الأرصفة، ويقوله كل القائلين متى ما وجدت ألسنتهم الطويلة إلى ذلك سبيلًا..



فقط هم الذين خانوا أوطانهم على طريقة هتلر، يقولون ذات الكلام بسباب وشتام وقلة وفاء وقلة ذوق.. ربما تبقى الصحافة.. لكن أنتم لم يتبقَّ لكم إلا ألسنتكم التي تتاجرون بها في حراجات برامج الكلام.. ولو قطعنا ألسنتكم كما كان سيفعل حسينوه مع المحامي حديب بن ديرة في درب الزلق لانقطعت أرزاقكم.. كان حديب يقول: إن واحدًا قتل نفسه وطلعه براءة.. هذا أنتم مثل حديب.. والصحافة منكم براءة.. براءة.. براءة!!