"ناقد ومنقود"!
من متطلبات وضروريات المجتمع الرياضي الصحي السليم تقبل الآراء واحترام الرأي والرأي الآخر، والاستفادة من النقد الذي يهدف إلى المصلحة العامة فيضع نظارته المكبرة على القضايا المهمة فيحللها ويناقشها ويفندها ويضع حلولاً منطقية.
الناقد "الجريء" الذي يمتلك عصا "المصارحة" فيوجهها إلى المكان الصحيح بغية الوصول بكرة أهدافه لمكانها بالتوقيت الصح، المصارحة عدوها "الوقاحة" وهنا يعظم الفرق بين الناقد و"الناقم".
النقد ليس لساناً ساخراً "سب وشتم" ولا تقزيم للمجهودات والمشاريع لكنه استخدام لعصا القلم بمهنية وتمكن لإعطاء كل ذي حق حقه، ويكون النقد حراً نزيهاً من دون رواسب/ شوائب متى ما خلى من التأثيرات الجانبية ومسببات الحساسية وابتعد عن التعصب والشخصنة.
فرق عظيم بين الناقد و"الناقم" ومن يخلط بينهما بسوق المسؤولية "مجنون" ولا على المجنون حرج.
من واجب الناقد بث وجهة نظره في المسائل بحرية وتجرد وليس من حقه إلحاق الأذى بالآخر، فهناك من ينحر النقد بسكين العاطفة والميول ولا يبالي فينتقد حسب ما تمليه عليه بوصلة "الهوى".
متى يكون النقد أبيض شفافاً؟ إذا ابتعد عن الشوائب وكان سهل التناول سريع الهضم والامتصاص.
يحزنني كثيراً ذلك الناقد المشحون حد الظمأ بمركبات تعصبه فيطلق رصاصاته عبر الغرف المظلمة بغية النيل من "س أو ص"، والأسوأ جوقة المتعصبين الذين اختارتهم بعض الفضائيات ليزيدوا تردي محتواها سوءاً.
يثرثرون ينفعلون فينفصلون عن الواقع وتتجزأ نقاشاتهم وهم يفندون القضايا ويناقشونها وهم ليسوا على "قلب واحد" فتجد مخرجاتهم فارغة "منًفرة" عقيمة ليست بأكثر من جعجعة بلا طحن بالمسائل التي تعنى بهدف كبير ووطني كالكرة السعودية أو المنتخب الوطني، وكل يغني على ليلاه، فينتقد ليطبل لذلك اللاعب "الخيالي" بذهنه، ويهاجم هذا ويقزم ذاك!
صدقاً إن عدو الناقد اللدود و"هادم لذاته" الصحفية هو الميول، فالناقد الحر النزيه "الأشم" هو من يتنصل من أهوائه الكروية كما يتنصل السيف من الغمد.
أغلب البرامج الرياضية تفتقر إلى المهنية وأدب الحوار ويغلب عليها الصراخ والردح واستعراض الحناجر وتفتقر إلى الدقة بالمعلومة واحترام عقل المشاهد.
والأكثر يغلب عليها "تكسير العظم" متناسين أن أهم قيمة في الانتقاد هو الابتعاد عن رواسب تصفية الحسابات وشخصنة المسائل.
والسؤال هل الناقد هو من يمسك برأس قلمه أم أن القلم هو من يتحكم ويوجه رأس صاحبه ويديره كيفما شاء؟! سؤال خالٍ من الشوائب.