المجهر والمنطق
لا أميل للاعتقاد بأنّ الوزير تركي آل الشيخ أطلق تغريدته، والتي عبّر فيها عن عدم رضاه على نتائج منتخب السعودية في معسكر البرتغال، قصد بذلك التمهيد لإقالة المدرب الأرجنتيني باوزا...
لا أعتقد ذلك، مع أنّه رمى بعبارة أخرى "باوزا تحت المجهر" وهي عبارة تكمل سابقتها وتستوفي عناصر طرح موضوع الإقالة، ولكن...
ولكن لا بدّ من الالتفات إلى التفسير الآخر لهذه "الرمية" المزدوجة في التصويب، والهادفة إلى إعادة النظر في النهج...
ما يجعلني أميل للاعتقاد بأن الوزير المستشار، لم يتخذ قراراً في إقالة باوزا، هو أننا اعتدنا على أسلوبه المباشر في اتخاذ القرارات، علاوة على ذلك أنه لا يتجاوز اتحاد الكرة في الأمور التي هي من صلاحياته، فبتنا ننام على قرارات ونستيقظ على أخرى، وخاصة في القضايا التي تتطلّب الحسم بدون إبطاء، وآخرها قرار إقالة رئيس نادي الأهلي الأمير فهد بن خالد، وتعيين الأمير تركي بن محمد الفيصل خلفاً له.
ووضْع المدرب تحت المجهر، يعني اللجوء إلى المنطق والتمعّن لتوضيح الرؤية، للتوصل إلى القرار الصحيح المبني على الواقع والوقائع، فالكل بات يعرف أنّ تركي آل الشيخ لا ينجرف في تيارات الإعلاميين، وهو من الذين يفتشون عن خلفية الإعلامي الثقافية والمهنية ليأخذ رأيه بعين الإعتبار..
وفي رأيي أنّ رئيس الهيئة العامة للرياضة، لا تغيب عن باله في هذه العجالة، الذيول المادية والمعنوية التي تترتب على "آفة" سرعة تبديل المدربين سواء في الأندية أو على صعيد المنتخب الوطني، فحتى الجولة التاسعة من دوري هذا العام أستبدلت الأندية ستة مدربين، وقارب عدد المدربين الذين حضروا إلى السعودية المئتين وخمسين مدرباً منذ العام 2009!! ولا مجال الآن لذكر مزيد من الأرقام والمفارقات ومن تعداد الأموال المهدرة..
ويعلم الوزير آل الشيخ أن المدرب الهولندي، مارفيك نجح في إعادة "الأخضر" إلى المونديال بعدما فشل سبعة قبله في هذه المهمة، وكلنا نعلم الإنجازات التي حقّقها منذ أن تسلّم مهام المنتخب مع بداية الدور الثاني للتصفيات في أواخر أغسطس 2015، وكلنا نؤيد قرار عدم التجديد له لإصراره على عدم البقاء في السعودية.
لقد مُنح مارفيك الفرصة الكافية ليستقر على خطة ويثّبت العديد من العناصر الأساسيين، مع تعديلات ومنح الفرص لعديد من اللاعبين، وها نحن الآن، ننتقد باوزا بأنه يلعب بطرق مختلفة ولا يستقر على تشكيلة واحدة، وجرّب عددا كبيراً من اللاعبين..
ننتقد باوزا ولم نمنحه أكثر من شهرين، وبعد خمس مباريات تجريبية في المعسكر الإعدادي فاز في إثنتين وخسر ثلاثاُ، علماً أنّ المتخب لم يكن مكتملاً بمغادرة لاعبي الهلال..
وإذا لم يجرّب اللاعبين في "مباريات تجريبية" فهل نطلب منه أن يقوم بذلك في المباريات الرسمية وأن يحوّل المنتخب إلى حقل تجارب؟؟
التعاقد مع باوزا حصل بالتفاهم مع مدير المنتخب ماجد عبدالله وبتوجيه من الوزير آل الشيخ، وها هو هذا العجوز الأرجنتيني الذي طلبناه من اتحاد الكرة الإماراتي، ينتظر مصيره في تقرير ماجد عبدالله ذاته إلى اتحاد الكرة السعودي..
والحق يُقال، أنّ هذا المجهر في وقت مبكر ضروري حتى لا ننهي مهمة مدرب في وقت مبكر دون أن نعطيه الفرصة لتعديل النهج.