دب مثقف يمشي ليأكل!!
عندما العمر عانق الـ20 عاماً خرجت من قاعة الدرس في الكلية إلى مقر نادي جازان الأدبي من أجل مقابلة رئيس النادي الأستاذ حجاب الحازمي ليشعرني بتكليفي بالعمل منسق للعلاقات العامة والإعلام.
في تلك المرحلة الذهبية للنادي كان يحتضن كبار المثقفين بجازان أعضاء لمجلس إداراته ظروفهم العملية والشخصية كانت تعيقهم عن مرافقة ضيوف النادي بشكل دائم وكلفت بهذه المهمة.
تلك المرحلة في حياتي شكلت جزءاً كبيراً من شخصيتي من خلال الاحتكاك عن قرب بشخصيات ثقافية كبيرة ومرافقتهم أثناء زيارة منطقة جازان، لكن يبقى في الذاكرة ضيف واحد من ضيوف النادي الأدبي لم أتعلم منه أي شيء في الثقافة والأدب.
كان كل الضيوف يتفقون في شيء واحد لحظة الوصول للفندق بأنهم يريدون الراحة في الغرفة بسبب إرهاق السفر إلا ضيفاً واحداً رفض الراحة وطلب الأكل قبل فراش النوم وقال أنا "جوعان"!!.
الدب دباً، مثقفاً أو جاهلاً، مدمن للأكل أينما كان في بيته أو ضيفاً، لا يستطيع أن يتقمص "البرستيج" ويتخلى عن عاداته اليومية مع سفرة الطعام، يأكل بشراهة وكأن هذه الوجبة هي الأخيرة في حياته!!.
سكن هذا "الدب المثقف" في المطعم أكثر من غرفته، لو أن كل ضيوف النادي مثله في حبه للأكل والشراب لأرهقت ميزانية النادي لتصبح عاجزة عن طباعة كتاب واحد لسداد فواتير مطاعم الفنادق.
حالة الجوع توأم "الدب المثقف" شعرنا بها جميع الجماهير الذين حضروا أمسيته الشعرية خرجنا من المناسبة ونحن نعاني من "جوع ثقافي"، من الصعب أمام ذائقة الجيزانيين أرض الشعر والثقافة أن تقنعهم بأنك شاعر وأنت تغتصب الكلمات من أجل ميلاد قصيدة!!.
رص للكلمات لا أكثر، لم ينجح في اختبار الشعر في المنطقة التي فيها الجاهل يكتب شعراً بالفطرة، الأذن الجيزانية موسيقية لأنغام بحور الشعر وتستطيع أن تميز ما بين الشاعر الموهوب ومغتصب القصيدة التي تلد ولادة قيصرية بعد مخاض عسير.
قبل سنوات أعلن هذا "الدب المثقف" طلاق الشعر بالثلاث ليكون أجمل حلال وليس أبغضه وهو يخلع أجهزة التنفس الصناعي من قصائده الميتة سريرياً لتموت ويرتاح كل عشاق الشعر من تلوث سمعي.
أجمل شيء أنه استبدل الشعر بالرياضة ليطلق مبادرة المشي في تجربة تفاصيلها يسكنها النجاح لتعزيز ثقافة الرياضة صحة للجسد.
المقصود هنا الدكتور أحمد العرفج القارئ النهم الموسوعة الثقافية صاحب مبادرة "المشي مع العرفج" التي تعتبر اليوم أحد أهم المشاريع غير الربحية للأفراد في تحفيز المجتمع على ممارسة الرياضة بقالب ثقافي يحتضن المعرفة من خلال صناعة توأم سيامي يربط الثقافة بالرياضة في جسد واحد.
لا يبقى إلا أن أقول:
أتمنى أن تتبني الهيئة العامة للرياضة مشروع "المشي مع العرفج" ليتحول من جهد فردي إلى عمل مؤسسي يضمن استثماره بصورة أشمل في جميع مناطق المملكة من خلال زيارة الدكتور أحمد العرفج إلى جميع مناطق المملكة لتحفيز المجتمع بممارسة رياضة المشي.
أحمد العرفج يعشق السفر والترحال ليمشي بين كل ثقافات العالم وحضارته على الرغم من رصيده المليوني بعدد خطوات المشي يبقى كما هو "الدب المثقف" لم ينحف ضحك علينا بالثوب الذي ستر كرشته في السعودية ليكشفه لنا السناب شات في رحلاته الخارجية وهو يرتدي ملابس لا تستر كل ترهلات جسده!!.
قبل أن ينام طفل الـــ"هندول" يسأل:
هل أحمد العرفج يمشي لينحف أم ليجوع ويأكل؟!
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية" وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.