الشمعة الأولى لطفل الهندول
البعض يعتقد أن الحروف لا روح لها، هذه ليست حقيقة، الحروف تتنفس ولها روح تنبض على هيئة "كلمة"، وفي الكلمات سحر وبيان ما يجعل حتى البشر يتأثرون بها.
لا شيء يجعلني أسرق دقائق من وقت يومك إلا هذه المساحة التي تنبض بكلمات تتنفس قربك منها لتعيش معك، لا أحد يعرف مصير هذا المقال، أما على طاولة مسؤول يحوله إلى قرار أم في استراحة عزاب يتحول مع ورق الصحيفة إلى سفرة طعام.
شعور جميل أن تكتب كلمات لا تعرف مصيرها، إلى أين يذهب "طفل الهندول"؟.
قصر الأمير رئيس النادي، مجلس عضو الشرف الفاخر، مكتب المسؤول صاحب القرار، طاولة اجتماع رئيس الاتحاد، منزل المشجع الملك أم شقته المستأجرة.
الثروة الحقيقية لكاتب الرأي هم القراء بمختلف شرائحهم وطبقاتهم الاجتماعية، لا يهم من يقرأ لك مقالك وزير أم خفير، تاجر أم فقير، مواطن أم مقيم.
الأهم أن يتسلح قلمك بالعلم والمعرفة، أن يكون عادلاً صادقاً في نقده، أن يكون منصفاً لكل شيء جميل يستحق الإطراء، أن يكتب ما يؤمن به وليس غيره، أن يراقب الله في السر والعلن، أن يتحيز للحق ويحارب الباطل، أن يكون محايداً في كل شيء إلا الوطن، لأن الحياد في أي قضية وطنية هو"خيانة"، فليكن الوطن ومصالحه حبر قلمك ونبضه.
سنة مضت... 12 شهراً مرت... شمس تشرق وتغرب لتطوي صفحات الأيام بفرحها وحزنها ومتعتها وألمها.... في مثل هذا اليوم الأول من نوفمبر عام 2016م كانت صرخات ميلاد "طفل الهندول".
من الإثنين إلى الجمعة كل صباح يصافح "طفل الهندول" القراء بمختلف ميولهم، يقف بينهم في مسافة واحدة، طفل على الفطرة يكتب ما يؤمن به، لا أحد يعيش معه في هندوله غير حرية الرأي.
من الطبيعي أن يتأرجح الـــ"هندول" بين سخط و إعجاب الجماهير، كل مشجع يعتبرك صديقاً له عندما تمدح ناديه، وعدواً ضده عندما تنتقد فريقه.
لا يبقى إلا أن أقول:
لا أخفيك سراً حبيبي – القارىء- عاش "طفل الهندول" سنة متقلبة الأوضاع، يتأرجح فيها بين سكينة الجسد لينام وقلق الروح كوابيس مزعجة، مقالات كثيرة حققت أهدافها وأصبحت قرارات تصب في مصلحة رياضة الوطن، ثلاثة مقالات لا أكثر لم تر النور حجبتها سلطة رئيس التحرير، لأن نشرها قد يضر "طفل الهندول" ولا ينفعه، ومقال يتيم حرفه البعض عن مقصده النبيل ليصبح قضية في المحكمة، يريد المحامي أن يطوع القانون لصالحه لكي يورط هذا الطفل البريء من كل ما نسب إليه.
أشعل الشمعة الأولى لــ"طفل الهندول" وحوله الورق والقلم، لا وردة من رئيس التحرير و لا كعكة من نائبه، أحتفل وحيداً في غربتي والشيء الوحيد الذي أفكر فيه لا أريد "طفل الهندول" أن يكبر جسده ويخرج من هندوله، أريده أن يبقى كما هو لأنه عندما يكبر سيصل يوماً ما إلى الشيخوخة، حينها سيبقى عاجزاً عن حمل قلمه، سيسقط من يده، الأطفال لا أحد يستطيع أن ينزع الحلوى التي في أيديهم، هكذا "طفل الهندول" يقبض على قلمه.
أجمل هدية لـــ"طفل الهندول" في يوم ميلاده، من يقرأ نبض كلماته أن يمنحه الدعاء أن تكون في حروفه أجراً له وليس وزراً عليه.
قبل أن ينام طفل الـ"هندول" يسأل:
ما هي هدية رئيس التحرير له في يوم ميلاده؟!.
هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصـحيفتنا "الرياضية" وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك.