2009-02-14 | 18:00 مقالات

فالنتاين وبن عدوان

مشاركة الخبر      

سيظهر اللون الأحمر بشكل لافت للنظر اليوم، والسبب في ذلك تقليد غربي انتشر في العالم من خلال الغزو الفكري، ذلك هو الاحتفال بيوم الحب المنسوب للقسيس "فالنتاين" الذي كان يزوج العشاق سراً مخالفاً أوامر الكنيسة الرومانية التي منعت الزواج في عهد الإمبراطور "كلوديوس الثاني" في القرن الثالث الميلادي، وحين اكتشف أمره تم إعدامه في الرابع عشر من فبراير، فأصبح العشاق يزورون قبره في ذلك اليوم كل عام محملين بالورد والشموع حتى قفزت شركات الورود والشكولاته والبطاقات على هذه الفرصة الذهبية وحولت هذا اليوم إلى عيد للعشاق تتزايد حماه كل عام.  والمصيبة أن طقوسه تظهر في المدن العربية أكثر منها في المدن الغربية، فقد تعودنا أن نأخذ من الغرب القشور ونترك أهم الأمور.
بودي أن أخاطب الشباب من خلال جريدة الشباب الأولى، وبلغة يفهمونها دون تعنيف أو تنفير، ولنتناقش بهدوء حول يوم الحب المزعوم: هل تؤمنون بأن يكون للحب يوم واحد في العام؟  ألا تتفقون معي بأن الأجمل أن تكون كل أيامنا للحب، ولعل السؤال الأهم: لماذا نربط ذكرى الحب بيوم وفاة قسيس؟  أليس في موروثنا الثقافي رموز أفضل للعشق والغرام مثل قيس بن الملوح ونمر العدوان وغيرهم كثير؟
أحبائي شباب الوطن، ليتنا نأخذ من الغرب الكثير من الإيجابيات التي جعلتهم يتقدمون علينا ليصبحوا العالم الأول ونبقى نحن عالماً ثالثاً، والفارق بيننا وبينهم يتسع كل يوم.  إنهم يركضون ونحن لازلنا نحبو، ولن يصنع الفارق إلا أنتم – شباب الأمة من الجنسين – فإن قبلتم بتقليد قشور العالم المتقدم فقط فسنبقى على تخلفنا إلى أن يشاء الله، وإن انتفضتم فبإمكانكم صناعة حياة جديدة نسابق بها العالم.  فالله لن يغير أحوالنا حتى نغير ما في أنفسنا، والتغيير بيد الشباب أما الرجال الذين شبوا على طبع فيصعب تغييرهم.
أحبائي، ليت من يقلد الغرب في صرعات الملابس والموضة يفكر في تقليد "باراك حسين أوباما"، الذي صنع التاريخ بنفسه وكسب احترام العالم بأسره، وكم أتمنى أن نأخذ من الغربيين انضباطهم في العمل وقيادة السيارة، بدلاً من تقليدهم في الرقص والتدخين والخمور والقمار، وليتنا لا نشوه كل شيء نستورده من الغرب، كسوء استخدامنا لتقنية الاتصالات.
وحتى الاحتفال بيوم "فالنتاين" لم يسلم من التشويه، فقد رأيت شاباً قبل أسبوع يوصي على أربع باقات ورد أحمر لأربع حبيبات مخدوعات، لأن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" تكثف نشاطها في اليوم الأحمر، فتتم الحجوزات قبل أيام وتسلم الطلبيات في أماكن سرية، وتذكرت تلك الطرفة التي تقول: إن فتاة سألت بائع البطاقات: هل عندك بطاقة معايدة كتب عليها (إلى حبي الوحيد)، قال: نعم، فقالت: أعطني عشر بطاقات.  ولا أملك – أخيراً – إلا النداء الصادق بأن نعتز بإسلامنا وعروبتنا وسعوديتنا، ونترك للغرب قشورهم ونستفيد من أهم مزياهم حتى نلحق بهم.. وعلى دروب التقدم نلتقي.