2013-09-25 | 06:47 مقالات

سامي والهلال والبقية تأتي

مشاركة الخبر      

جاء يسأل عن صديق فوجد نفسه في صدر المجلس .. كان المجلس ممتلئا عن آخره، وكأنه ملعب الملك فهد قبل المباراة. لم يكن توقيته أسوأ؛ فقد كان صالح الهذلول ينتظر جلوسه ليطلق صافرته. لم يلتفت، لم يتحرك ولم يتكلم وبالكاد يتنفس، كان نسخة مصغرة من "أبو الهول". بدأت المباراة سريعة .. سجل الاتحاد هدفه الأول .. نظر له الجميع وفي عيونهم كلام عن وجه النحس الذي جاء دون موعد .. تحصل الهلال على فاول بعيد، ثبت نيفيز الكرة ورجع عدة خطوات ثم أطلق مدفعه، هز الشبكة واهتز معها قلب "أبو الهول"، قفز من مكانه واقترب من الشاشة وهو يصرخ "وش ذا القووول" التفت عليهم .. استحى وتغيرت ملامحه، نسي أنه لا يعرفهم. التقط عقاله وما تبقى من شماغه وخرج، فلحقوه وقالوا له: "دايم تصير في مباريات الهلال" .. عاد وجلس .. ارتاح كثيرا عندما عرف أنهم لم يكذبوا عليه فلم يبق مع نهاية المباراة واحد منهم وشماغه على رأسه. كل الفرق تلعب وتجتهد وتقدم كورة، ولكن الهلال يقدم منتجا آخر. الهلال تخطى قوانين كرة القدم ، وتخطى بدائية الفوز والخسارة. فالهلال يوصلك لمرحلة من النشوة تنسيك كل همومك وتجعلك تطير من الفرح. ألم تلاحظوا أن مشجعي الهلال دائما مبتسمون؟ أجمل ما في مباراة الهلال والاتحاد أن الهلال لم يسجل خمسة أهداف في فريق سيئ. ما سيحول هذه المباراة لواحدة من كلاسيكيات الكرة السعودية أن الاتحاد لعب مباراة كبيرة، بل إنها أجمل مباريات الاتحاد هذا الموسم، ولكن تسونامي ربع الساعة الأخير غيّر موازين المباراة وجعلها تتحول لمباراة تاريخية. ما أضاف للمباراة لمعة ووهجاً وجعل الفرح فرحين هو سامي الجابر. فلا أجمل من أن يدرب الفريق لاعبه الأسطوري الذي قاده للمنصات لأكثر من عشرين عاما. واليوم يأتي ليصبغ الفريق بصبغة البطل التي في داخله ويعيد شخصية الفريق التي مُسخت خلال الأعوام الثلاثة الماضية. صنع فريقاً لا ييأس. ففي المباراتين الماضيتين كان الهلال يتأخر ويعود، ويتأخر ويعود، ثم ينقض بعدها على خصمه فلا يتركه وفيه عرق ينبض. العام الماضي بدأ الهلال موسمه بشكل ضعيف فأنهاه بمأساة. ولكنه اليوم يشهد واحدة من أنجح البدايات في تاريخ الهلال إن لم تكن أنجحها على الإطلاق. فالهلال حتى مع المدرب العبقري إيرك جيريتس لم يحقق العلامة الكاملة التي حققها سامي. ما يجعل الهلال يبدو ظالما في نظر جماهير الأندية الأخرى هو أنه لا يتشكى ولا يتعذر، ولا يرمى بإخفاقاته على الآخرين. فالهلال لا يتوقع ولا ينتظر مساعدة من أحد، عندما يخسر لا يغضب جمهوره على التحكيم، ولا على الاتحاد، ولا على اللجان إنما يصب جام غضبه على الإدارة والمدرب واللاعبين. نقد الذات والاعتراف بالمشاكل وسرعة حلها جعلت الهلال لا يكاد يقع حتى يقوم نافضاً الغبار عن نفسه لينطلق من جديد لمجد جديد.