منتخبنا مريض نفسياً
كان رجل أعمال ناجح (يلعب بالملايين لعب)، ولكنه خسر كل ما يملك في الأسهم. لم يستوعب الخسارة وبقي يتعامل مع نفسه ومن حوله وكأنه يزداد غنى. مازال إلى اليوم يحمل شنطته السوداء (ويشره) الناس بشيكات دون رصيد. لا يوجد منتخب في العالم يعيش حالة عزلة عن واقعه مثل المنتخب السعودي. فهذا المنتخب يتصرف وكأنه رقم 3 على العالم. ففي كل مباراة يلعبها تجد أن لديه ثقة غير مسبوقة في الفوز لذلك تجده يهاجم ويلعب بشكل مفتوح بغض النظر عن المنافس. ما يجعل المنتخب السعودي يخسر باستمرار منذ سنوات هو أن القائمين عليه مازلوا يرونه ذلك المنتخب الذي أبدع في كأس العالم وحقق كأس آسيا وليس المنتخب الذي خسر من أستراليا بأربعة ومن اليابان بخمسة. أعتقد أن مشكلة منتخبنا تكمن في أنه يتعامل مع مباريات اليوم بعقلية الماضي. المنتخب يحتاج للعودة لواقعه فهو واحد من أضعف منتخبات العالم. فالمنتخب الكوري أفضل منه والمنتخب الأوزبكي أيضا والعراقي والأردني والقطري والعماني والإماراتي. دول تعيش كوارث اقتصادية وسياسية وطبيعية منتخباتها أفضل منه. هناك 108 دولة أفضل منه. لا أريد أن أحبط المنتخب قبل مباراته مع المنتخب العراقي الأسبوع المقبل ولكن هذه هي الحقيقة التي يجب أن نتذكرها ونحن ندخل هذه المباراة. فنحن نلعب مع منتخب يتفوق علينا في تصنيف (فيفا) منتخب فاز علينا في آخر لقاء جمعنا في دورة الخليج. ما يجعل المباراة أكثر صعوبة أنها تقام على أرضه (أعرف أنها في الأردن .. شكراً). ولكني متأكد أن المنتخب السعودي سيلعب ببلاهته المعهودة متجاوزا كل الأرقام والحقائق. سيهاجم منذ البداية (كما يفعل دائما). سيفتح اللعب ويعطي الفريق العراقي المساحات الكافية للعب على الهجمات المرتدة وسيخرج خاسرا بهدف أو هدفين رغم أنه من سيسيطر على المباراة. المنتخب السعودي لم يتعلم من كل الكوارث التي حلت به وبقي رافعاً رأسه (فوق) يهاجم كل الخصوم حتى أسبانيا على أرضها. إذا ما أراد المنتخب الفوز من جديد فيجب عليه أولاً أن يتوقف عن الخسارة، أو بالأصح يتوقف عن الخسائر الكبيرة. المنتخب السعودي يحتاج للتعامل مع المباريات على أنه فريق ضعيف، ولكن ماذا تفعل الفرق الضعيفة؟ الفرق الضعيفة لا تفتح اللعب مع أي فريق تلعب معه. الفرق الضعيفة تعتمد على الهجمة المرتدة السريعة. الفرق الضعيفة تدافع بقتالية وشراسة. الفرق الضعيفة لا تبني هجمتها من الدفاع بل إن دور المدافعين هو تشتيت الكرات أبعد ما يستطيعون لأنهم أضعف من أن يبدؤوا الهجمة. فالأهداف التي ولجت مرمى المنتخب السعودي خلال الدورة الرباعية التي أقيمت في الرياض كانت أخطاء من المدافعين وليس إبداعاً من هجوم الخصم. بعد غياب 24 عاماً عن المنافسة على كأس العالم أفاق المنتخب البرازيلي على واقعه المرير وتعاقد مع المدرب الدفاعي كارلوس ألبرتو بريرا الذي أعاد الكرة البرازيلية للدفاع فحقق كأس العالم 94 بعد أن عجز عن تحقيقها عشرات المدربين. فهل يتعلم المنتخب السعودي من النموذج البرازيلي؟.