آسف ..ولكني أكره النصر
كجيوش التتار انطلقوا بأحلامهم الجامحة .. وخطواتهم الواسعة .. امتطوا خيول الأعوام السالفة .. سيحصلون على كل شيء .. سيهزمون كل من يواجههم .. إنه موسمهم .. إنه موسم الثلاثية .. جاء الاتحاد أولهم رافعا رأسه منتشيا بآخر بطولات العام .. بشبابنا وتاريخنا وألواننا المخططة سنأكل البطولات كما نأكل البرشومي .. سخر منه الهلال فهذا موسمه .. موسم سامي الجابر وتياغو نيفيز وناصر الشمراني .. الثلاثية تحققت قبل أن يبدأ الموسم. ولكن ثالث الثلاثة "الشباب" كان له رأي آخر لن يكتفي بالثلاثية بل سيضيف عليها الآسيوية. صرخ أهلاوي من بعيد "الثلاثية لنا هذي السنة" .. ضحكوا عليه .. لم تحقق الدوري منذ ثلاثين عاما وتريد الثلاثية.
تركهم يحلمون .. تركهم يوزعون بطولات الموسم في خيالهم كما يشاءون .. جاء من الخلف دون سابق إنذار .. طوى صفحة الفقر .. طوى صفحة الوهم .. طوى صفحة السحر بتعاقده مع ساحر ربط قلوب اللاعبين وحولهم لنجوم لاتعرف غير رنين الذهب .. كان جمهور النصر يحلم بكأس يتيمة ولكن السماء أمطرت كاسين مرة واحدة.
نختلف معهم .. نتشاجر معهم .. نحبهم .. نكرههم .. ولكننا لا نستطيع إلا أن نحترمهم، فما حققوه خروج على قواعد اللغة الكروية. ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة. عندما تُحقق الإنجاز لاتحس بعظمته ولكن من يتابع المشهد من بعيد يعرف قيمة المعجزة.
المخيف في ما حققه النصر هذا الموسم إنه عاد. ليس فتحا آخر ولا اتفاقا آخر بل نصراً جديداً أكثر قوة وتطوراً وجماهيرية من النصر القديم. أكثر لمعانا وشراسة وثقة في النفس من أي نصر عرفناه. لم يحقق نصر ماجد ومحيسن والهريفي ما حققه النصر اليوم. ولكن الآخرين إلى هذه اللحظة لم يستوعبوا حجم الكارثة.
عودة النصر بهذا الجمهور العجيب لن تكون خفيفة على الهلال والاتحاد والشباب. عصر احتكار الثلاثي الماسي للبطولات ولى بلا رجعة وجاء عصر الذهب. تراجعوا جميعا دفعة واحدة وهو تقدم .. كأنه لم يغب .. كأنه حقق دوري الموسم الماضي .. والكأس قبلها بسنة.
قد لاتصدقون لو قلت لكم إن فوز النصر أسعدني كثيرا .. ليس لأني أحب النصر .. بل على العكس كنت أتمنى أن يفوز أي فريق إلا النصر. ولكن فوز النصر غير موازين اللعبة وأنهى مرحلة العمل بالبركة وانتظار المعجزات. النصر عمل في سنة واحدة ما لم تعمله أندية في تاريخها كله. عرف إنه تخلف كثيرا عن الهلال والاتحاد والشباب فسرع الخطوات عشرات السنوات ليلحق بركب الأبطال فسبقهم.
القضية ليست في الروح .. القضية ليست في المدرب ولا اللاعبين ولا الإدارة ولا حتى الجماهير. القضية في إنهم جمعوا هذا كله.
اربطوا الأحزمة إنه زمن النصر والبقية .. البقية مجرد شظايا أندية.