غازي القصيبي
في شهر رمضان قبل خمسة أعوام فجع الوطن والعالم برحيل الإداري المحنّك والأديب المفوّه والشاعر المبدع والمسؤول المخلص "غازي القصيبي" ولازال أثره وذكره باقيان حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فقد نذر حياته لوطنه في سنٍ مبكرة فتقلّد المناصب صغيراً لأنه كان كبيراً بعلمه وعمله وعقله وجهده وطموحه، ولذلك كان كتابه "حياة في الإدارة" نبراساً يسلط الضوء على أهم جوانب الإدارة السعودية بإيجابياتها وسلبياتها وبكل حياد وموضوعية.
تسنّم "أبو يارا" – كما يحب أن يكنّى – مناصب إدارية بصلاحيات مالية كبيرة لكن الجميع يشهد له بنظافة اليد والقلب معاً، وقد أورد في كتابه قصّة تعرضه لمحاولة رشوة قبل أن يصبح وزيراً لأربع وزارات تؤكد ثقة الملوك فيه رغم صراحته لدرجة القسوة أحياناً، ومن لم يقرأ سيرة هذا الرجل العظيم فقد فاته جزء هام من تاريخ الإدارة السعودية.
بعد خمس سنوات لازال كثيرون يرددون مقولات ورؤية "أبو سهيل" الذي كان يرى أبعد من غيره فيستشرف المستقبل ويخطط له بعمق وحكمة، وقد كان يحمل هموم الوطن أينما حلّ وارتحل ولذلك أحدث نقلة نوعية في عمل السفراء بتحويل السفارة إلى صالون فكر وأدب يعقد فيه ملتقى أسبوعي متنوّع يثري من خلاله جميع متطلبات العقل الباحث عن النور.
ونحن نعيش عاصفة الحزم نتذكر عاصفة الصحراء التي حررت الكويت من براثن الغزو الصدامي الغاشم، ونفتخر بالوزير الذي لم تمنعه هموم الوزارة ومسؤولياتها من كتابة مقالة يومية بعنوان "في عين العاصفة" كانت حروفها تقوم بدور أكبر من جهود وزارة الإعلام، فقد كان "القصيبي" حالة نادرة لن تتكرر لأنه رجل فريد من نوعه رحل وسيبقى ذكره للأبد.
تغريدة tweet:
"غازي القصيبي" نبراس أنصح جميع الإداريين بالتعلم منه ففي سيرته العطرة منهج حياة للإداري الناجح، وفي تفاصيل حياته نموذج المواطن الصالح الذي يحقق مقولة الرئيس الأمريكي "كينيدي": "لا تسأل ماذا سيعطيك الوطن ولكن اسأل ماذا سأعطي الوطن"، وقد أعطى "القصيبي" كل شيء لوطنه فأفنى حياته وفكره وأدبه وشعره لخدمة الوطن، ويكفيه أنه القائل: أجل نحن الحجاز ونحن نجد هنا مجد لنا وهناك مجد، وعلى منصات الوفاء نلتقي،