وانطفأ النور
أجمل ما في الرياضة أنها تقدم لنا نماذج للأبطال في زمن لم يعد فيه وجود لـ"السوبر هيرو"، ولكن أسوأ ما فيها أن عمر الرياضيين قصير فيغادرون قبل أن تمتلئ منهم الذاكرة وتشبع منهم الجماهير، ولذلك تفوّق علينا المتقدمون رياضياً بمحافظتهم على أرث النجوم وتخليد الأساطير من خلال المتاحف والأفلام الوثائقية وإطلاق أسمائهم على المنشآت والجوائز.
إذا سألتكم عن "مارادونا" فستتحدثون عن إبداعه وأهدافه والبطولات التي حققها بمفرده بطريقة غير مسبوقة في عالم كرة القدم الجماعية، والجيل الجديد سيحدثك عن أهدافه الإعجازية والإعجاز الأكبر مع فريق قبله كان مغموراً فتحوّل "نابولي" إلى بطل أوروبا، ولن تحتفظ ذاكرة الجيل الجديد بنهايته المأساوية بالإيقاف بسبب المنشطات التي لازال البعض يراها مؤامرة قادها رئيس الاتحاد الدولي آنذاك "البرازيلي هافيلانج" عدو الأرجنتين الأول.
في بلادي وعلى الساحل الغربي اسطورة خرجت من شارع منصور في مكة لتسطّر الابداع على ملاعب العالم، فحقق مع "العميد" بطولات كان هو السبب الرئيس في تحقيقها، وصعد به للعالمية مرتين عن جدارة واستحقاق تؤكد أنه نجم مختلف في كل شيء، ومع تزايد نجوميته يزداد تواضعاً كالنجوم الكبار، وكلما زاد عطاؤه في الملاعب زاد عطاؤه لشارع منصور، فهو ينفق من مكتسباته في الدنيا ليحقق مكاسب للآخرة من خلال العمل الخيري.
"محمد نور" نجم من ذهب ارتبط اسمه بالتحدي والإنجاز بإجماع النقاد والمدربين واللاعبين والنجوم الذين لا يختلفون حول نجوميته المطلقة، ولذلك كان من النجوم القلائل الذين لا نتمنى اعتزالهم ولا نتخيل الملاعب بدونهم، فكان يوم اعتزاله غير مرحب به من الجميع لأن "نور" جزء من تاريخ كرة القدم السعودية الحديث نتمنى أن يستمر مضيئاً ويحزننا انطفاء "النور".
تغريدةtweet:
في وداع "نور" أتمنى من إعلامنا الرياضي أن يركّز على ايجابياته ويتجاوز عن سلبياته مثلما يفعل الإعلام في العالم المتحضر مع النجوم والأساطير، ولازلت عند رأيي بأن النجم الكبير يستحق أن ننظر لمسيرته بشكل عام داخل وخارج الملاعب ونمنحه حقه من التقدير والاحترام، وحين يكون للنجم تاريخ مع منتخب بلاده فإن علينا أن نحفظ له صولاته وجولاته ونسلط عليها الضوء لننشر بذلك ثقافة الوفاء في عالمنا الرياضي وكرة القدم على وجه الخصوص، وعلى منصات النورنلتقي..