مقالة لم تُكتب بعد!
الكتابة موعد عشق، ما لم تشعر بذلك تخسر الكثير، هل الكتابة صعبة؟،- جدّاً!، هل هي شاقّة؟!، - طبعاً!، وهي كذلك غير مضمونة، وغير محدّدة، ولأنها تحديداً "غير محدّدة"، يمكننا تغيير وصفها، واستبدال "محاولة غزَل" بـ"موعد عشق"!، رغم أن موعد العشق قائم أبداً، حتى ولو في الأمنيات والحلم!.
أحياناً، تقترح عنواناً للكتابة يسبق أي حرفٍ فيها، أحياناً تفعل ما هو أكثر: تقترح عنواناً، دون أن تكون لديك فكرة أصلاً عن الموضوع!، الطيش في الحالة الأخيرة، غالباً ما ينتهي بعد دقائق إلى فشل، ينتقل بك إلى كتابة أخرى، ولكنه في مرات قليلة، يكشف لك، فيك، ومن خلالك، عن طاقات مُشرقة، وكتابات مُفضّلة، ومحببة إلى قلبك!.
اختيار عنوان المقالة، قبل البدء بها، في حالتيه، يشبه دعوتك سيّدةً لفنجان قهوة، إن كان الموضوع كفكرة، ولو عائمة غائمة، في رأسك، فهي جرأة على دعوة السّيّدة التي راقت لك، وإن لم تكن الفكرة موجودة أصلاً، فأنت كمن طلب فنجانين من القهوة، ثم قال للتي مرّت بالصدفة: سيدتي، هذه القهوة ليست لأحد، ليتها تكون لك قبل أن تبرد!، بعدها أنت ونصيبك!.
في الغالب، يكتب الكتّاب مقالاتهم، بعد تفكير، فإذا ما انتهت الكتابة لما يُرضيهم عنها، خطّوا العناوين!، هذه مواعيد عشق، وهي دائماً مواعيد أُولى، الكاتب حتى لو أعاد فكرة واحدة، في عشر مقالات، فإنه يلتقي بفكرته عشر مرّاتٍ أُوَل!.
لا ضمانات مطلقاً، إن أقوى فكرة تراود الكاتب، ومهما طال لحاقه بها، وتدبّره فيها، وتخيّله لها، فإنه ما أن يشرع في كتابتها، حتى يجد نفسه جديداً عليها، ويجدها جديدةً عليه، كل شيء يسهم في تغيير كل شيء، الورقة، الحبر، إضاءة الشاشة، سلاسة الضغط على الأزرار، الوقت اللازم للكتابة، المساحة المقترحة، الذاكرة ومائدتها لحظة نزول الإحساس إلى معنى ونزول المعنى إلى لغة!، المكان الذي يتواجد فيه الكاتب وأفكاره لحظة الكتابة، أحياناً تكون الفكرة بحاجة إلى تواجدك في مكتبتك، للاستعانة بمراجع، أو للإحالة إلى مصادر، فإن قررت الالتقاء بها خارج هذا المكان، خذلتك بقيّة الأمكنة!.
هناك من يكتب رؤوس أقلام، لمواضيع متنوعة، يختار فيما بعد، من بينها، ما يناسب لحظته، وأدواته!، هذا مثل الدونجوان، القادر على "ترقيم" أكبر عدد ممكن من الفتيات، ويحلّها الحلّال فيما بعد!.
من لا يكتب بعشقٍ، أو بمرحٍ واستمتاع، فليترك الكتابة، هي بغير هذه الأحاسيس، مُكلفة كثيراً، ومكافآتها الماديّة غير مجدية، إلا فيما ندر!.
فيما يخص هذه المقالة، شعرت بالأمر، وكأننا في صالة قدوم أو مغادرة، الزحام ليس شديداً، غير أن الاستعجال يُبدِيه كذلك!، وبالصدفة اصطدمتُ بالسيّدة المقالة!، كل منا راح يلملم أوراقه المتناثرة، لم نشرب القهوة بعد، غير أن ابتسامة مرّت من هنا، ونظرة تعمّدت أن تكون ساهية مرّت من هناك!.
الكاتب والكتابة، وثالثهما الشطآن!.