2016-12-20 | 04:57 مقالات

مداخلة في اليوم العالمي للغة العربية!

مشاركة الخبر      

القرآن الكريم، مُستثنى، لأنه كلام الله عز وجل، لغته ومفرداته مقدّسة، لأنها من الله سبحانه، وليس لأنها عربيّة، كونها عربيّة هذه نعمة من الله، وتفضيلها على بقية اللغات تفضيل عبادة، داخل النص القرآني الكريم، العربي ليس مفضّلاً على غيره، في الإسلام، ولغته التي ينطق بها، ليست بالضرورة مفضّلة على غيرها، تفضيل العبادة شيء، وتفضيل السيادة شيء آخر، تفضيل العبادة، سماويّ، منزّل، ومنزّه، وتفضيل السيادة، دنيويّ، مُرحَّل، غير مصونٍ بالضرورة!.

 

وأن يكون القرآن الكريم، محفوظاً، بأمر الله وقدرته ووعده سبحانه، مصوناً من النقص والتحريف، لا يعني أن تكون للغة العربية، خارج النص القرآني، قدسيّة، من خارجها، تحميها، لمجرد أنها لغة عربية!، إذ يمكن للإسلام أن يظل قائماً، وسيظل بإذن الله، لكن دون وجود عرب، أو بوجود عدد قليل، غير مؤثر منهم، داخل جماعات إسلامية كبيرة، لا تتحدث العربية، ولا تتحرك بها ألسنتها في غير صلاةٍ، وشعائر عبادة، وما هو قائم الآن، قريب من هذا، العدد الأكبر من المسلمين ليس عربيّاً، وهذا ما قصدته بالتفريق بين أقضلية العبادة، وأفضلية السيادة!.

 

ليست هناك لغة، أعمق من لغة، ولا أكثر زخماً، في غير نص أدبي، أو مُنجز علمي، أو حصاد معرفي بشكل عام، ومن يقدر على تصدير بضاعته، وتقديمها للعالم على نحوٍ لا يُمكن الاستغناء عنه، يُصدّر دون أدنى مشقّةٍ، مع هذه البضاعة، لغته وثقافته، يوم كانت الحضارة العربية سائدة، انتشرت العربية، حتى بين من هم ليس على دين الإسلام، عدد كبير من أسماء النجوم والكواكب، عربيّ إلى هذا اليوم، لأن علماء عرب أسهموا بفاعلية في علوم الفلك، والأرقام العربية مستخدمة عالمياً إلى يومنا هذا، بسبب نفوذ، وسطوة العربي حضارياً في وقت من الأوقات، وقد جاء زمن على أوروبا، لا يُعدّ فيها الأديب أديباً، ما لم يتحدث العربية، كان ذلك زمان الوصل بالأندلسِ، الزمان الذي لم يعد قائماً سوى في أغنية حزينة، أو شعارات ندب متحسّرة، في ذلك الزمن كان الاغتسال بالماء يُسمّى في أسبانيا هرطقة إسلاميّة!.

 

التعامل مع اللغة العربية، بطريقة "للبيت رب يحميه"، تستوجب المُراجعة، فمقولة "للبيت ربٌّ يحميه"، هي بذاتها، ليست نصّاً قرآنياً، ولا حديثاً شريفاً، ولا هي مقولة مُسلمٍ أصلاً!.

 

إضاءة

كنت مدعوّاً، لاحتفالية باريس في اليوم العالمي للغة العربيّة، واعتذرت، آسفاً، لظروف خاصة جداً، وكان من المقرر أن أتشرف بالاشتراك في مداخلة قصيرة، خلال الفعاليات، أظن أن المسؤولين عن الدعوة، يشكرون لي اعتذاري الآن، ويتمنون لي ظروفاً سعيدة، لكن مانعة أيضاً، في المرات المقبلة، فلم يكن عندي غير هذا!.

 

متمنياً لأستاذنا الجميل زياد الدريس وكافة القائمين على هذا العمل المُشرق بوعود خير، أن تُكلل جهودهم بالفلاح دائماً.