لونُ المياه.. الغرق
"بلكونة" الجمعة تُطل على كتاب، ليس لي من المقالة غير العناوين الفرعيّة الصغيرة، وعلامات تعجّبٍ وبعض تقويسات، ويا للغرور إذ أزعم بأهميتها. كتابنا اليوم "المياه كلها بلون الغرق"، لأحد أشعر شعراء الأرض إميل سيوران، ترجمه إلى العربية آدم فتحي، منشورات الجمل الطبعة الأولى 2013، وقد سبق لي الحديث عن سيوران وسأظل أتحدث عنه ما حييت، شاكراً لمترجمٍ آخر هو لقمان سليم. تعريفي بسيوران لأول مرة قبل ربع قرن تقريباً:
ـ سَوْأَةٌ نافِلَة:
.. لا يستطيع أحد أن يحرس عزلته، إذا لم يعرف كيف يكون بَغِيضاً.
ـ خفق وإخفاق:
.. إن حُبّاً يَخِيبُ هو مِحنةٌ فلسفيّة، تملك من الثَّرَاءِ ما يُتيح لها أن تخلق من حلّاقٍ نَظيراً لسقراط.
ـ لا لمكافحة فسادٍ كهذا:
.. بتهوفن أفسد الموسيقى.. أدخل عليها اللحظات المزاجيّة، سمح بتسلل الغضب.
ـ الخُبَراء:
.. ليس أخطر على شابٍّ طموح من مخالطة الخُبَرَاء بالناس، لقد خالطتُ منهم ثلاثة أو أربعة، أجهزوا عليّ قبل أن أتجاوز العشرين.
ـ كواكب ومَوَاكب:
.. ما دُمنا على سطح كوكبٍ يؤلِّفُ مرثيّته، فليكن لنا من الحياء ما يكفي كي نتصرّف كجثث لطيفة.
ـ المفكِّر الغشّاش:
.. في تردّدنا علامة على نزاهتنا، أما يقيننا فلا يدلّ إلا على دجَلنا، يُعْرَفُ المُفكِّر الغشّاش من حصيلة الأفكار "الدقيقة" التي يُدافِعُ عنها.
ـ سطحيّة العُمق:
.. إنّه لَمَسَاسٌ بالفكرة أن نُعمّقها، ذلك يعني أن ننتزع منها سحرها، وربما حياتها.
ـ المُراهَقة:
.. إنها لاتُحبُّ في المُفكِّرِ إلّا البَهْلَوَان.
ـ زاوية يبدو منها ترامب وديعاً:
.. يخيفني كثيراً رجُل السِّياسة الذي لاتبدو عليه أيّ علامة من علامات حُبّ السُّلْطَة.
ـ فن الحب:
.. فن الحب أن تعرف كيف تجمع طبيعةَ ممتصّ دماء إلى تَخَفّي فَرَاشَة.
ـ مستقبل الضّحك:
.. بضعة أجيالٍ أخرى، ويغدو الضَّحِك الذي هو حكْرٌ على بعض النُّخْبَة مُستعصياً على المُمارسة، تماماً مثل النَّشْوَة.
ـ السّوقيُّ عارياً:
.. لاشيء يَكشف عن السّوقِيّ مثل رفضهِ أن يَخيبَ ظنُّه.
ـ من الآخِر:
.. ما مِن طريق إلى الفشل في الحياة أقصر من أن تقتحم الشِّعر، دون دعمٍ من الموهبة.
ـ قباحة المجاملة:
.. باضطرارنا إلى الابتسام لأفكار أولئك الذين ندعوهم إلى التّدخّل، ينحطُّ البؤسُ بشكوكيّتنا إلى رُتبة مصدر الرِّزق!.