الديربي: حارس القافلة وقاطع الطريق!
ما الذي يعنيه الديربي، أي ديربي، في العالم؟، إنه يعني أن تكون حارس قافلة وقاطع طريق في اللحظة نفسها!.
من هنا تكتسب مباريات الديربي فتنتها، وتحافظ عليها، حتى في الأوقات التي تفقد فيها أهميّتها!، جاءت مباريات السوبر، طمعاً في مثل هذا العطر الفاتن، محاولة للتنويع عليه، الذين فكروا في إضافة مباراة تحت اسم السوبر لتحديّات كرة القدم، كانوا يعرفون أنهم يتمحّكون بنكهة ديربي ما! وأن فكرتهم لن تنجح ما لم تتلاقح مع ديربي.
تفقد بطولة السوبر جُلّ قيمتها، إن لم يكن بين الطرفين، تاريخ مشاكسة، وتحدّيات مُعتّقة!.
أما عن الكلاسيكو، فهو ديربي سريع الانطفاء، ألعاب ناريّة لساعتين أو ثلاث بعد المباراة، ألعاب نارية وليست شموع عيد ميلاد!، قد تكون أكثر صخباً، لكنها ليست أكثر حميميّة، الديربي أعياد ميلاد!، ليست أعياداً بريئة على أيّة حال، فما يجب أن ينطفئ هو رأس الخصم!.
الكلمات فارقة: في الكلاسيكو، الآخر مُنافس، في الديربي، الآخر خصم!.
الكلاسيكو الوحيد، المستثنى، هو الكلاسيكو الإسباني بين الريال والبرشا، لقدرته على خلط كل هذه الأوراق، وتقديمها عَلَفاً للثور الإسباني!.
فيما عدا هذا، فلا مباراة تفوق مباراة ديربي، سخونةً وجدلاً، ولا حتى غطرسة!.
الجماهير تنتظر مثل هذه اللحظات، بأعصاب مشدودة، ومهما بدت الكلمات واثقة، بل وبالذات إن بدت واثقة، فإنها تكذب وتُخاتِل!.
بطولة كأس ولي العهد، تأخذ قيمتها الاجتماعيّة من اسم صاحبها الكريم، وتأخذ قيمتها الرياضيّة من حضورها كأوّل بطولات الموسم، الفرحة البِكر لكل موسم، وتأخذ قيمتها الجماهيريّة، والإداريّة أيضاً، من قدرتها على طمأنة الفائز، بعدم الخروج من المُوالِد بلا زَهْوٍ، يسمح بفكاهات، ومرح، وقدرة على تحدّيات مقبلة!.
هذه المرّة، تكسب البطولة، قيمة مُضَافَة، والإضافة هنا لا تعني التقهقر خلف القِيَم الأصيلة السابقة، خفقات القلوب تجعل من هذه القيمة سابقة حتى وإن جاءت لاحقة، إنها الديربيات الكبيرة في المملكة، كل مباراة بطولة بحد ذاتها، كل لاعب يعرف أن تمريرته البارعة لن تُنسى، وكل من يسجل هدفاً يدخل تاريخ الحكايات، ولن يغفر جمهور للاعب هفوةً هازِمَة، حتى لو اعتذر عنها ثلاث مرات يومياً قبل الأكل وبعده!.
أن تكون حارس قافلةٍ، وقاطع طريقٍ، في نفس اللحظة، هذا هو رهان الديربيات الكبيرة، وكل ديربي كبير عند جماهيره!.
مساء الإثنين لن ينتهي عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، ولا مساء الثلاثاء!.
في مثل هذه المباريات، يستطيع الحَكَمُ، فقط، إطلاق صافرة البدء، الباقي تتحكم به أفواه الجماهير، لا أفواه الحكّام!.
والأغنية تقول: " كلّها بكره، بس وبعده،... واللي وعدني ح يوفي بوعده"!.