طرائف شعراء
ـ بكلمتين يُمكن للشاعر أن يقلب، ليس الطاولة فحسب، لكن الأرض كلها، على رأس جَهُولٍ عَجُولٍ، الشعراء سلاطين قَفَشَات، يُحكى أنّ باب أحد المحلّات التجارية، جمَع بين شاعرٍ، ورجلٍ من أبذل الناس لِبْساً وأنذلهم نَفْساً!.
كان الرجل ممتلئاً، كثير اللحم والشّحم، غليظاً حتى في لسانه!، فاكتظَّ بهما الباب، وغصّت المساحة!.
وكان وراءهما ناسٌ يريدون الخروج أيضاً، فصاروا جمهوراً، ومنهم من ابتسم لحَرج الموقف، مما أغاظ الرجل الضخم، قال الغليظ الأرعن، للخفيف الأرزن: انتظر يا أنت، توقّف، أنا لا أسمح لمُبْتَذَلٍ حقيرٍ تافهٍ أن يَمُرّ قبلي.
ردّ الشاعر بكلمتين: تفضّل.. أنا أسمح!.
ومن يومها والدنيا تضحك!.
ـ هذه تُعجب من يعرفون اللهجة المصريّة: كان لأحمد رامي، صديقاً، أو ربما جاراً، يهوى الشعر، ويظن أن الهوايةَ موهبةٌ لولا الظُّلم والحظّ !.
ويحسبُ أنه مسبوقٌ إلى المعاني بالصُّدفة لا أكثر!.
يحضر جلسات رامي وأصدقائه من الشعراء، لكنه بَدَلَ أن يطرب، أو يصفّق، لما يسمع من أشعار، كان كلّما أنشَدَ شاعرٌ قصيدةً، علّق: يا ألله، كل ما قلته يا عزيزي، خَطَرَ في بالي، بألفاظه ومعانيه وأحاسيسه !.
بعدها يتوجّه إلى رامي: بماذا تفسّر هذا يا أستاذ، توارد خواطر، أم مناجاة أرواح، أم تواصل أفكار؟!.
وفي كل مرّة يُحرَجُ رامي من الثُّقل والغِلْظة والسّماجة، وفي آخر مرّةٍ قال له رامي: اسمع، من الواضح أننا جميعاً شعراء، الفرق أننا شعراء بقافية، وحضرتك، ولا مؤاخذة، شاعر "بلا قافية"!.
ـ يُحكى أن شاعراً، دخل الشعر من باب النّحْو، فلا يتساهل في أمر اللغة، طلب من ابنته أن تُحضر له قِنّّينَةً، لكنها وهي تُمدّ له بيدها القِنِّينَة، أخطَأَت اللفظ، فقالت: القَنِينة يا أبي، وبين هفوة كسر القاف وضرورة ضمّها، قامت الدنيا بصرخة الأب الشاعر النّحوي: اكسريها.. اكسريها، فما كان من الابنة حَسَنة التربية إلا أن أطاعت أبيها، فرمت بالقِنِّينة أرضاً وكسرتها!.
ـ ونختم بأهل النّحو، أولاً لنتحاشى غضبهم، وثانياً لأنه ليس كل التزامٍ بالنّحو، يؤدي إلى مضرَّةٍ، وهذه حكاية مُعدَمٍ، ضليع في اللغة، وقف بباب رجلٍ من أهل اللغة والنّحو، يطلبه قوتاً أو دراهم أو ثياباً، فما كان من صاحب البيت إلّا أن قال له صادّاً ورادّاً: انصرف.. انصرف، فقال فقير المال غنيّ العِلم: اسمي أحمد!.
فابتسم صاحب البيت وأكرمه، لأن أحمد لا ينصرف لغةً!.
أحياناً يُمكن للممنوع من الصرف أن يعطيك مصروفاً!.