الخطاب الديني.. تجديد لا تغييب!
هل يمكنني صد الطّوفان؟!.
لا طبعاً، لذلك سأقبل بالتعامل مع كلمة "إرهاب" كما يتم تداولها سياسياً وثقافياً وإعلاميّاً، غير أنني أخاف أن ألقى وجه ربّي دون إعلان تحفّظي الخاص عليها، وشكوكي في صحّتها كمصطلح.
أدري أن الأوان قد فات على مثل هذه اللافتة، الأحداث جرت بضخامة وسرعة عجيبتين، فلم يتح المجال حتى للتدبّر في الكلمة، لكنني أقرأ قول الله سبحانه وتعالى: "تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم"، وأتأمل، الكلمة هنا لها دلالات سِلْمِيّة عظيمة، ليست دلالات فحسب، لكنها تشكّل منهجاً، يقبله العقل، وتحتّمه المطامع والمطامح الإنسانيّة.
وكل سياقات التاريخ والحاضر ليست سوى شواهد مؤكدةً له وعليه، إن أي أمّة، أو دولة، لا تأمن على نفسها دون قوّة تُرهب بها أي أمّة قادرة على الاقتراب منها أو دولة مجاورة لها، وأياً كانت أشكال ومصادر وملامح هذه القوّة فهي ذات أثر واستعداد، الزراعة قوّة والصناعة قوّة، والعلم والعدل قوّة، والاقتصاد المتين قوّة، والسلاح قوّة، والعلاقات المتينة قوّة، وكل قوّةٍ رباط خيل، وبهذه الإعدادات والاستعدادات فقط، تحفظ الدّول حدودها، وتأمن عدم المساس بها، على الأقل يجب أن نفرّق من الآن فصاعداً بين كلمتي الإرهاب والترهيب، أن نوجد الفارق حتى لو صنعناه صناعة، وأقحمناه إقحاماً، لأننا عاجلاً أم آجلاً، سنصطدم بضرورة مجابهة الدنيا في هذا اللفظ القرآني الكريم، المقروء كنتيجة لعملية الإعداد المنزلة كأمرٍ إلهي من رب العباد.
من الصعب، بل من المستحيل اليوم، مطالبة الدنيا بتغيير كلمة إرهاب واستبدالها بالإفساد في الأرض، أو غيرها من الكلمات الدّالة، واللغة تقبل المعاني حسب اتفاق الناس على الكلمة، صارت كلمة إرهاب متداولة، ولها مدلولها الجديد الخاص بها، وقبول ذلك أمر لا مفر منه، وهو طبيعي أيضاً، شرط ألا نخاف أو نرتبك من اللفظ والدلالات القرآنية الآتية به.
أمّا أن يقترح أحدهم، في مصر أو في غيرها من الدول العربية والإسلامية، تغييب بعض الآيات عن طلبة المدارس، بحجّة تجديد الخطاب الديني، أو غيرها من الحجج، فهذه كارثة، وهزيمة دينية وثقافية وسياسية، تهرّب وعجز عن المجابهة وعن المواكبة وعن كل شيء وعن أي شيء!.