الموسوعات والأطالس!
للكتابة يلزمك الإحساس والعاطفة والموهبة والأسلوب، وباستثناء الشعر يلزمك أن يكون لديك ما تريد قوله!، أن يكون لديك موضوع، وأن تتمكن من إيجاد زاوية خاصة، ومن خلالها تراه!، كل هذا طيّب وحسن، ومهم، لكن هل يكفي حقّاً؟!، أظن أنه يكفي إلى درجة معيّنة، لكنه لا يشفي غليلاً، بالمعنى القلبي والمُعطى العقلي للتعبير!، تلزمك اللغة، الكلمات المناسبة، والكلمات الأكثر مناسبة، سواء من حيث الدِّقة في الإقناع، أو من حيث الدَّقَّة في الإيقاع، وبالنسبة للمقصود بالمُناسِبة، فإنني على الأقل أقصد: الكلمات التي تريد قولها، وليست التي يجب عليك قولها!.
ليست الصعوبة فقط في الإمساك بالفكرة، ولا هي في القدرة على احتواء الموضوع، لكنها أيضاً، وأولاً، في التقاط الكلمة المُعبِّرة، وهي مسألة لا تخلو من تعقيد، وأبداً ليست أقل غموضاً من التقاط الفكرة في الرأس، ذلك لأنه لا يمكن التفكير بغير لغة، لكن اللغة التي نفكر من خلالها، ليست بالضرورة، أو هي في الغالب، ليست اللغة التي نكتب فيها أفكارنا، الفكرة في الرأس تتحرك إلى الأعلى مثل بُخار، ونشعر بالتقدم في احتوائها حين تتشكل كغيمة، لكنها لا تُصبّ في جملة كتابية، إلا كمطر، البخار والسحاب والمطر من المادّة ذاتها، لكن هذه المادّة هي في كل مرحلة في حال متغيّرة، تكاد لا تكون هي ذاتها، أو هي بالتأكيد ليست الشيء ذاته!.
إن مفردة مُلتقَطَة بعناية، يفزّ لها القلب، تنجح دائماً في تغيير الجملة، في تعديلها، في إحداث حركة المحو والإضافة، وفي مرّات ليست قليلةً يمكن لكلمة مُنتقاة، لها طبع الإلهام، أن تغيّر الموضوع، أو تفتح دروباً جديدة لم تكن في الحسبان للتفكير فيه من جديد، هنا تأتي أهميّة القواميس والأطالس والموسوعات والمعاجم!.
عدد من الكتّاب يخاف استخدامها، يحسب أن الاستعانة بها غير جائزة، واللجوء إليها عيب، وطلب مساعدتها خيانة، أو اعتراف بنقص وقصور، وهذه واحدة من أكبر الأخطاء والخطايا، التي يمكن لكاتب الوقوع فيها أو ارتكابها!.
عدد أكبر من الكتّاب يظن أنه لا يحتاج إليها، وأنها قد تُثقل عليه، ويخشى إعاقتها لاسترساله، أو لخدش تلقائيته، وأظن أن هذه مخاوف ناتجة عن جهل، أو جهالة مِنتجة لمُرعِبات وهميّة.
تصفّح المعاجِم بحد ذاته مُتعة، فضلاً عن كونه دورات تدريبيّة مجّانيّة ضروريّة، وإعادات تأهيل سامية الرّتبة.