شريعة حمورابي!
التاريخ يكتبه المنتصرون وليس الشجعان!، كاد يُقضى على شريعة حمورابي كلها لولا خوف المُنتصر، الأصح أن "شتروك ناخونتي" الذي غزا بابل سنة 1171 قبل الميلاد تقريباً، طمع على الأرجح بسرقتها ووضْع اسمه عليها بدلاً من حمورابي، نقلها إلى مدينته سوسة، وأفنى بعض أسطرها بالمحو، ليكتب اسمه، ثم ندم وتراجع، لأن خاتمة الشريعة صبّت لعناتها على كل من يهمّ بتغيير شيء من هذه النصوص!.
سجّل حمورابي قوانينه على مسلّة كبيرة، أسطوانيّة الشكل، وحفظها الزمن، رغم كل المخاطر التي تهددتها، وكان آخر هذه المخاطر، العملية الإرهابية الفاشلة بالقرب من متحف اللوفر قبل أيام!، ذلك لأن فرنسا ومنذ عثور بعثتها التنقيبية على المسلّة الحمورابيّة 1901ـ 1902، نقلتها إلى باريس: التاريخ يكتبه المنتصرون، أو ينقلونه معهم لبلدانهم!، لعرضه في متحف أو حديقة أو في شارع كمَعْلَم سياحي!.
معظم شريعة حمورابي محفوظة، يخمّن العلماء أن المفقود منها لا يتخطى ثمانية مواد أو أكثر بقليل، مسلّة العراق الباريسيّة تحتفظ اليوم بـ282 مادة، بالخط المسماري، قد تبدو بعض موادها اليوم رجعية، وغير مُنصِفة، لكنها في وقتها جاءت رافضة لكل ما لا يتوافق مع عصرها من شرائع سابقة، هادفةً إلى إقامة نظام أقرب إلى العدل، حتى وإن بدا أكثر قسوةً، إذ لم تكن عقوبة القصاص بالمثل حتى الموت فكرةً بشرية قائمة قبل حمورابي!.
من شريعة حمورابي:
ـ إذا أدلى سيّد بشهادة كاذبة، ولم يثبت صحتها، فإن كانت تلك الدعوى تتعلق بحياة، يُعدَم الشاهد!.
ـ إذا النار شبّت في دار رجل، وذهب رجل آخر لإطفائها، فحطّ عينه على أموال صاحب الدّار، فإن هذا الرجل يُرمَى في هذه النار!.
ـ إن اغتصب حاكم أو رئيس بيت جنديّ أو أثاثه أو ماله فإن هذا الحاكم أو الرئيس يُعدم!.
ـ إذا حان الاستحقاق على سيّد وباع زوجته أو ابنه أو ابنته، فيجب عليهم أن يعملوا في بيت من اشتراهم ثلاث سنوات وتُعاد لهم حريتهم في الرابعة!.
ـ إذا أخذ سيّد امرأة دون عقد فإن هذه المرأة ليست زوجة!.
ـ إذا أراد سيّد أن يُطلّق زوجته التي لم تلد له أولاداً، فإنه يعطيها دراهم بقدر مهرها، ويعطيها كل الأغراض التي جلبتها من بيت والدها، وعندئذٍ يُطلّقها!.
ـ إذا تزوّج سيّد امرأةً وأُصيبت بمرض، له أن يتزوج ثانية، ولا يجوز له أن يطلّق الزوجة المريضة، بل تسكن في البيت الذي بناه وعليه أن يعيلها طول العمر، إلا إن رغبت هي في غير ذلك!.
ـ إذا قال سيّد للقضاة: "أريد أن أتبرّأ من ولدي"، فعلى القضاة دراسة سلوكه، فإن لم يقترف الابن إثماً كبيراً، فلا يحق للأب حرمان ابنه من البنوّة!.
ـ إذا ما هاج عِجْلٌ أثناء سيره، فنطح سيّداً فأماته، فإن هذه الدعوى ليست دعوى حق!.
ـ تُقطع يد كل ولدٍ يضرب والده!.