المتثيقف
1ـ ما لم ينتبه إليه أحد، قَلَبَ الموضوع، فإن كان الحديث ممازحات، التقط منه قولاً عابراً، واعترض عليه بجديّة، وإن كان الحديث عميقاً وجادّاً، تململ ورفع صوته بحكاية مُضحكة، علّ وعسى.
2ـ مزاحه فجّ، وجدّيّته منبريّة.
3ـ فيما لو حاولت تصنيفه بناء على آخر خمس مجالسات معه، أو عن "جُلّ أعماله"، ولم تسمح لرأيك بغير خَيارين، هل كان لمّاحاً أم نبّاحاً؟، وحاولت، مهما حاولت، أن تُبقيه في الخانة الأطيب، فإن حكمك النهائي عليه سيقفز به رغماً عنك إلى الخانة "الأَعْيَب"، هذا إن اتفقت معي على مقصد الكلمتين، اللمّاح: كاشف جمال لم نكن نعرفه أو بطريقة لم نكن نعرفها، والنبّاح كاشف قبح نعرفه في العمل الفني أو الأدبي، أو قبحٍ نعرفه أو لا نعرفه عن صاحب العمل وليس عن العمل نفسه.
4ـ غضوبٌ، وبالرغم من ذلك ليس عنده مشاكل كبيرة في تقبّل الإهانات، المسألة تتعلّق بقوّة الطرف الآخر، متى كان الطرف الآخر أقوى سلطةً أو مكانةً أو فِكراً، فإن المتثيقف يقبل الإهانة، ويعاملها معاملة "وجهة النظر".
5ـ يأخذ من أقوال غيره وينسب لنفسه، فإن قال قولاً من عنده هو ولم يجد قبولاً، أو نال اعتراضاً حازماً، ألحقه بقولٍ لغيره من الأسماء العالمية الكبيرة، المشهود لها برجاحة الفكر، ألّفه من عنده، أو حرّفه، أو استنجد به للدفاع عن نفسه لا عن فكرته.
6ـ لا يمكنه التعمّق في موضوع محدّد، وهو لذلك لا يحب الحوارات الثنائيّة، أو المجالس قليلة العدد، خاصةً حين يكون عارفاً بقيمة الطرف الآخر، أو رزانة المجلس قليل العدد وتخصص أصحابه، كلّما كثُر الحضور، وجد فرصةً للتباهي، وفرصةً أخرى للتفلّت من الموضوع، تعويماً وتهويماً وتغيير مسار.
7ـ ينتفخ إن مدحه أحد في وجهه، حتى يكاد يطير!.
8ـ متقلّب، فيما لو تابعناه في جلستين مختلفتين، لأمكننا رؤيته وهو يُنظِّر في الأولى نقيض تنظيره في الثانية، إن طرأ على بالك أحدهم الآن، حاول أن تتذكّره في جلستين، مثلاً: واحدةً مع من يظنهم سلفيين، وواحدة مع من يظنهم ليبراليين، واحكم بنفسك.
9ـ يُوهمك أنه صديق لكل أهل الأدب والفن والثقافة والصحافة ورجال الفِكر، وفي طريقه إلى إقناعك بذلك، يحكي عنهم، عن كثير منهم على الأقل، حكايات سيّئة!.
10ـ كل قصورٍ منه مردّه ظروف لا يُلام عليها، وكل فشلٍ له إنما بسبب الحقد والغيرة والحسد وقِلّة الإنصاف، وفي المقابل فمعظم من تعرف من الناجحين في مجاله، كان هو السبب في صعودهم ونجاحهم ونجوميتهم، لكنهم سامحهم الله، نُكّار جميل.