2017-02-15 | 02:37 مقالات

السعادة والنجاح والوسامة والجمال!

مشاركة الخبر      

البيضة أم الدجاجة مرّة أخرى:

 

هل النجاح هو الذي يجعل منك سعيداً، أم أن السعادة هي التي تجعل منك ناجحاً؟!..

 

مسألة أن النجاح جلّاب سعادة، مسألة شبه محسومة، وشبه متّفق عليها، تتساوى أو أقل بأقل من درجة من حقيقة أن الدجاجة تبيض!.

 

السؤال إذن: هل السعادة جلّابة نجاح؟!..

 

أظن أن المتفائل أكثر حظوظاً من المتشائم، يبدو الأمر وكأن الطبيعة تمنح جوائزها للمقبلين عليها بحبور وعواطف إيجابيّة، لكن المسألة أبسط: المتشائم يشطب من الورقة احتمالات قائمة بالفعل، في حين أن المتفائل يضيف إلى ورقة الاختبار احتمالات ليست موجودة أصلاً، ويحصل أن يجيب المتفائل عن أسئلة ليست في الورقة، لكنه حتماً سيحاول إيجاد حلول لكل الأسئلة المطروحة لا يستبعد منها شيئاً، وهو لذلك أقرب إلى النجاح!.

 

لقد نجح لأنه كان متفائلاً، لأنه دخل الاختبار وسعادته معه، لم ينتظر قراءتها معلّقة على الجدران بعد أيام!..

 

السعيد البشوش المتعاطِف، لا يكسب النجاح فحسب، لكنه يكسب الوسامة والجمال أيضاً، ليس هذا ظنّاً شعريّاً، ولا تهويمات رومانسيّة، هذا ما تؤكده الدراسات والعلوم والمختبرات والأبحاث في عددٍ كبيرٍ منها، الفرح يميل إلى التأثير على الغُدد، في الفرح والحبور يبدو الوجه نضراً، يمتلئ، امتلاء وسامةٍ، وفي الحزن والأسى يتطاول، تطاول دمامة!..

 

عمليّات التجميل الطبيّة تُنجز أعمالها بمهارة، لكن هذا لا يكفي!، إنها تجعل من الناس "حُلوين" لكنها لا تقدر على أن تجعل منهم "جميلين"، ذلك لأن السعادة أمّ الجَمَال، يصعب أن يُولد من غيرها!..

 

الجمال يشع من داخلك، وقد انتبه تشارلز داروين إلى ما هو أكثر من هذه العبارات التي قد تبدو مُطَيِّبةً للخواطر ليس إلّا!.

 

بحوث داروين أكّدت على أن ملامح الوجه تتغير فعلياً: " قد لا يبتسم رجلٌ مرتفع المعنويات حقيقةً، إلّا أنه يُظهر عموماً بعض الميل إلى سحب أركان فمه، ومن فرط المتعة المُستثارة تصبح الدّورة الدّموية أكثر سرعةً فتبرق العينان ويزداد لون الوجه"!، ثم إن الرجل السعيد يكسب عاطفياً وحسابيّاً، أكثر من الحزين بكثير، على مستوى القلب تكون العواطف لديه ساخنة، وعلى مستوى العقل تتدفق الأفكار الحيويّة في دماغه بسرعة أكبر!..

 

الحزين البائس، المُحبَط المُتشائم، يَضمُر ويضمحل، والورود في صدره وبين أصابعه تيبس، وقد تُغيِّر من طبيعتها، مُعلنةً تضامنها مع الأشواك، ولسوف يؤذيك، فالأشواك مؤذية بطبيعة علاقتها مع الآخر لا بسوء نيّتها تجاهه!، وهي إذا ما خسرت ورودها، خسرت آخر قيمة إيجابية لها، خسرت سر وجودها: الحِمَايَة!..

 

لن يتمكن حزين، مهما كانت حِيَل الطب ناجعة وإمداداته كبيرة، من الفرار من مصيره الداخلي: الحسرات المتعاقبة والفشل!، لن يقدر على الحنو والعطف والحب ومنح الآخرين متعةً أو سعادة أو حتى شفقةً، هذه أمور يفتقدها فكيف يعطيها؟!.

 

بينما يكتب داروين: "بلا شك أن الحنو أو العطف إحساس ممتع، ويُنتج عادةً ابتسامةً وديعةً وبعض التّألّق في العينين"!..

 

وينقش عصفور البدر على تمرة العذق: "ما سوى العِزّة وسامة"!.