2017-03-01 | 01:47 مقالات

الخطر قادم!

مشاركة الخبر      

عصر الفتوّات و"الأتاوة" لم ينته، لا في مصر ولا في غيرها!، كل ما في الأمر أنه اتّخذ أشكالاً أخرى وهيئات أقدر على الخِداع!..

 

في "هوجة" الربيع العربي، قفزت كلمة "ناشط سياسي"، حتى صارت مهنة!، عدد كبير ممن شاهدناهم على الشاشة، تم تقديمهم كنشطاء سياسيين، دون أن نعرف مهنة محددة لهم!، ومن المفارقات أن مثل هذه المسمّيات نجحَت في منح عدد من أصحابها وظائف رسمية فيما بعد!..

 

كلمة ناشط صفة، وكذلك كلمة سياسي!، لا هيَ وظيفة ولا مهنة ولا حِرفة!، مثلها مثل أي صفة أخرى كأن نقول: رائع أو جميل أو مبدع أو قوي أو ضعيف!، هي في النهاية صفة، بمعنى أنها رأي جمالي أو عاطفي أو إعلامي.

 

مثلها مثل كلمة "مثقّف"!.

 

هذه الكلمة هي الأخرى ليست سوى صفة، لكنها صارت مهنة ووظيفة!، لها شكل وجماعة ومكاسب: فتوّات وأَتَاوَة!،..

 

الفتوّات بربطات عنق أو نظّارات لامعة أو حتى بشوت ولحىً، والأتاوات من أفكارنا ومن حقوقنا في الحياة!..

 

شبكات التواصل ساهمت أيضاً، وأنتجت لنا نُشطاء تواصليين ـ إن صح التعبير!، لا مهنة لهم ولا حرفة ولا وظيفة، لكن بعضاً منهم صاروا مشاهير كباراً!، ولا أقول نجوماً!، على النجم أن يكون مُضيئاً، وليس عالياً ولا مُرتفعاً، النجوم أصلاً، وفي حقيقتها، ليست عالية ولا مُرتفعة، هي بعيدة فقط!، أما مسألة ارتفاعها فمسألة نسبية، إذ الكون دائري، والمسألة بسيطة: الذي حطّ على القمر الذي نراه فوقنا، رآنا على كوكب الأرض فوقه!..

 

أعتذر عن استطرادٍ ربما جاء في غير محلّه!، وأُكمل: كثرة هؤلاء الذين لا جذر وظيفي حقيقي لهم، لا مهنة ولا حِرفة ولا فنّ بعينه، يُربكون المشهد، ويهيّئون الدنيا لتسيِّبٍ مُرهِق، وهو لفرط عدم جدّيته هزلي، والهزلي دون فن يأويه ويحتويه، يتهتّك، مهما رأيتَ من عِفّته اليوم، فإنه وبما أنه سائب ومتسيّب، لا مرجعية له، فإنه مشروع تهتّك، يتأخّر أو لا يتأخّر، هذه مسألة وقت وظروف لا أكثر ولا أقل!،..

 

ولا أعني أن مشاهير السوشل ميديا، والإعلام، ممن نعرف ونتابع اليوم هم الذين سينفجرون في وجوهنا، وإنما القصد أن هذه الماكينة التي تُصدّر لنا مشاهير، لا مرجعية وظيفية أو حِرَفَيّة لهم، ماكينة ليست فقط قادرة على إنتاج أشكال مرعبة وخطرة من المشاهير، لكنها، وهنا الخطر، ستظهر في لحظةٍ ما، وهي غير قادرة على عدم إنتاجهم أو التقليل من شأنهم، لأنه ومن الأساس لا يمكنك التقليل مِن شأن مَن لا شأن له أصلاً لِيَقلّ!، عندها سيكون الفتوّات أكثر شراسة من كل فتوّات نجيب محفوظ، وستكون الأتاوات باهظة الثمن، تظنوني أهذي، أتمنى من كل قلبي أن يكون ظنكم في محلّه، وألا يأتي اليوم الذي يظهر فيه من يشهد لي ببُعد النظر، في هذه المسألة على الأقل!..