بدر بن عبدالمحسن ليس مهندسًا!
عبر الأغنيات سمعتُ لبدر بن عبدالمحسن، ثم قرأتُ له، ثم رأيتُ أنه الأفضل، وأسميته الفاتح، فقد فتح دروبًا للشعر لم يسبقه إليها أحد، وكل من يحاول اللحاق بمبدع يظل خلفه!، ما لم تكن هذه قاعدة أدبية فهي حالة قَدَرِيّة، في الفن هناك تأثّر وإضافة مخزون وتزوّد بطاقة ومفاتيح، لكن لا بد من شق طريق خاصّة!..
مَن في نيّته اللحاق، مُتَّكئ مِن الأساس على لياقة بدنيّة وليست فنيّة!، اللياقة الفنيّة لا تسعى إلى غير فرادة، هي في داخلها منذ البدء، وكل ما يأتي بعدها محاولات لكشفها، كل ما يأتي بعدها يأتي لبلورتها، يستفيد من كل أثر وتأثّر ليُطعمها، لا ليلتهم فرادة سواه من أهل الإبداع!، كل مُبدع هو صديق حميم لكل مبدع في كل مجال!، الملاحقة عداء مُضمَر، حتى إن تبجّحت بصداقات ظاهرة!، وكل مُقلِّد كاره لنفسه، وغير قادر على نُصْرَة ذاته، فكيف يحب غيره أو ينتصر له؟!،..
ظللتُ متحفّظًا على لقب "مهندس" الكلمة، لا أدري من أطلقه على بدر بن عبدالمحسن، وأظن أنه لم يُوَفّق!، لكن الذين حاولوا تقليد البدر، وما أكثرهم، آمنوا حقًّا بالهندسة، تعلّموا جدول الضرب من أستاذ رسم!، وحين يُسأل البدر عنهم في أي حوار، تبرق في عينيه ضحكة يا لسخريتها، لولا أنها تُحجَب بالأدب والخُلُق الرفيع!، ومع ذلك تظل دعابتها مقروءة: مهما كان الأستاذ جليلاً وجميلاً وقادرًا على منح الأسرار، فإنه ما مِن رسّام يقدر على إضافة شيء حقيقي لمن يدخلون المرسم بآلات حاسبة!،..
مثل هؤلاء يمكنهم في نهاية المطاف الحصول على "رصيد" جيّد في حسابات بنكيّة، لا على " قصيد" جيّد في فضاءات كونيّة!،..
بدر بن عبدالمحسن نفسه يقول: "الخطأ ينتج الشعر، أما الصواب فيكفيه أنه صواب"!،..
لم يكن مهندسًا أيها السادة، كان أرقّ وأدقّ، وكان أكثر جسارةً وبكثير من أن يكون مهندسًا، كان شاعرًا، شاعرًا فذًّا، والهندسة حتى إن قُبِلَت مجازًا فهي للرواية وليست للشعر، وهي في كل حالاتها الأدبية والفنيّة لا تخضع لتعاملات البنوك، هي في الفن جداول حُضن وليست جداول ضرب!،..
كم من مقلّدٍ للبدر الآن، يستحق أن يصدر في حق بُنيانه قرارات إزالة؟!.